للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجرحى يداوون على حساب الدولة؛ لأن جرحهم كان لدفع المفاسد العامة، فيكون تعويضهم من مال العامة؛ ولأنه تعاون على البر والتقوى، وهو مأمور به (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: ٢)؛ ولأنه لو لم يصنع ذلك بهم لأدى إلى الامتناع عن الخدمة العسكرية؛ أو قلة الإخلاص، لغلبة وقوع مثل هذا من جريح وشهيد مع عجز راتبه عن ذلك، وهذه مفسدة ودفعها واجب، ووسيلة دفعها تعويضه من بيت المال العام.

ولأن العاجز عن مداواة نفسه من ماله عسكريا أو مدنيا يجب مداواته على مسلم قادر، لا إهماله حتى تتلف نفسه أو عضو منه بإعاقة ونحوها، وهذا الوجوب بحسب الترتيب بدءا بالقربى، ونحوه على العموم.

وهذا من الحق في قوله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (الإسراء: ٢٦)، ومن الحق العام لقوله تعالى (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) (النساء: ٣٦).

ولأن الغالب عدم إيفاء رواتب الجيش بذلك.

ولأنه أولى من الصاحب بالجنب والجار، فشمله الحق، ومن أهمه العلاج للجرحى ورعاية أسر الشهداء.

ويحرم تفضيل جريح على آخر مثله في الجرح، قائدا أو غيره، بل الكل سواء؛ لأن النفس البشرية واحدة في الحرمة.

فلا يجوز إسعاف أناس إلى خارج الدولة أو إلى أماكن عالية التقنية وأمثالهم في الجرح والضرر لا يفعل بهم ذلك؛ لأنه خلاف العدل.

وفي حال استدعى الأمر ذلك لعدم توفر إمكانات وخطر الجرح، فالكل في ذلك سواء في العناية، سواء كان بالعناية داخل الدولة أو بالسفر إلى خارجها.

ولا يفضل القادة أو البعض في غرف صحية راقية لمعرفة، أو مجاملة، أو مناطقية، وأمثالهم في الجرح والضرر من الأفراد أو غيرهم في الغرف العامة، فهذا كله جور وحيف وظلم، إلا لوضع أمني لبعض القادة أو المستهدفين قادة أو أفرادا.

<<  <  ج: ص:  >  >>