للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الشعار «الله، الوطن، الثورة»؛ فإنه يفصل بين هذه بمبيِّن نحو «الله نعبده، الوطن نبنيه، الثورة نحميها»، وإلا بـ (ثم)، لورود «ما شاء الله وشئت. قال: جعلت لله ندا ما شاء الله وحده» (١).

ولا يجوز أن يُجعل اسم رئيس أو ملك أو زعيم بجانب اسم الله، وهذا من باب أشد؛ لأنه لما حرم في النطق قول «ما شاء الله وشئت».

فمن باب أشد مَنْ قَرَنَه فجعله شعارا ملفوظا، ومكتوبا يردده الناس، أو طائفة منهم؛ فإن هذا أشد في التحريم لعموم مفسدتها، ولدوامها، ولتكرارها، والمحرم إذا عم ودام وكرر عظم إثمه ووزره وتعين منعه.

فإن كان الرجل القائل «لولا الله وأنت» قد جعل لله ندا، في نطق عابر لا يعظم ولا يكرر ولا يستدام، فكيف بمن جعل اسمه مع اسم الله على وجه التعظيم الدائم المكرر.

والتعظيم جاء من جهة كونه شعارا لطائفة أو شعب، فإن الشعارات الوطنية والدينية للدول والشعوب والطوائف يقصد رفعها في الأصل تعظيما لمن ذكر في الشعار، وبذلا لحمايته وصيانته له.

ولا يمكن تمييز ما لكلٍّ في الذهن العام، يعني للوطن الحماية، أو للزعيم، ولله التعظيم، فيؤدي إن كان لشخص، من ملك، أو زعيم، أو رئيس إلى نفخ الكبرياء فيه، وغرس الفرعنة والاستبداد في أمره ونهيه حالا أو مآلا أو كلاهما، وهذا فساد (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ


(١) - أخرج البخاري في الأدب المفرد بسند حسن برقم ٧٨٣ عن ابن عباس رضي الله عنه قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت. قال جعلت لله ندا ما شاء الله وحده. وأخرجه ابن ماجة برقم ٢١١٨ من حديث حذيفة أن رجلا من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلا من أهل الكتاب، فقال: نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشاء محمد. وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أما والله إن كنت لأعرفها لكم، قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد. قلت: سنده صحيح وله شاهد عند النسائي من حديث قتيلة امرأة من جهينة أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنكم تنددون وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت وتقولون والكعبة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة ويقولون ما شاء الله ثم شئت. قلت وسنده صحيح. وقد أخرجه أحمد برقم ٢٦٤٦٣ وصححه الحاكم في المستدرك برقم ٧٨١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>