للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقه المؤسسة التعليمية والتربوية

فرض على الدولة خدمة العلم والمعارف.

وكل معرفة وعلم يتعلق بخدمة الضروريات، أو الحاجيات، أو التحسينات فهو من وسائل المقاصد، وكان مطلوبا شرعا.

فما تعلق بخدمة الدين، أو حفظ النفس، والمال، والعرض، والعقل، والجماعة، فهي علوم مطلوبة في الشرع، وتحصيلها فرض كفاية في الجملة، وفرض على الدولة تحقيق ذلك.

ويشمل هذا علوم العصر التكنولوجية التي تبنى عليها نهضة الدولة والأمة مدنيا وعسكريا.

تعريف التربية:

والتربية: يمكن تعريفها من خلال ملاحظة مفردات ما تقوم به في الواقع بما يشمل الإنسان، والمجتمع، والدول، والشعوب، والإنسانية من الأمور، فنقول: التربية هي الإصلاح بالمكارم، وترك أضدادها تعلماً وعادةً وقناعةً وتدينا.

فقولنا: «التربية هي الإصلاح»؛ لأن ذلك هو مقصدها، فهو تعريف بالتفسير.

وقولنا: «بالمكارم» جامعة شاملة للقيم، والأخلاق، والمحاسن، والمبادئ الفاضلة.

وقولنا «ترك أضدادها»، أي كل ما يضاد الإصلاح والمكارم (١).

وقولنا «عادة»، هي مرحلة غائية أُوْلى للتربية؛ لتحويل الفضائل إلى عادات شخصية، ومجتمعية يعاب تاركها ويمدح ملتزمها (٢).

وقولنا «قناعة»، مرحلة ثانية؛ لأنها تلزم الشخص في مجتمعه وغيره.

وقولنا «تدينا»، مرحلة ثالثة رفيعة مقصودة للشرع تجعل العمل بالمكارم تدينا، وعقيدة، وتعبدا لله طلبا لمرضاته، فيلتزم بها في السر والعلانية، والرضى، والغضب، فردا، أو جماعة، أو دولة في مختلف الظروف الحياتية، وهي أعلى رتبة تصل إليها التربية.


(١) - إذ التربية مختصة بالفضيلة؛ لأنها على الرذيلة لا تسمى تربية، بل تسمى انحرافا.
(٢) - ولهذا اعتبرت العادات والعرف في الأحكام، وجعل لها قاعدة من القواعد الكبرى وهي «العادة محكمة»، وشرط ذلك استمرارها وعمومها وعدم مخالفتها للشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>