للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أجنبي لو وضع ولده في منزل صديقه لعلة كدراسة، أو أمان، أو سفر ونحو ذلك لزم على الصديق وزوجته العناية بهم تربويا عند الاستطاعة؛ لأنهم قبلوا تحمل الأمانة، فإن لم تقبل الزوجة في هذه الصورة فلا يلزمها، لأنه تكليف لها بما لم يكلفها به الشرع، وعلى الزوج -حينئذ- القيام على شؤونهم بنحو استئجار حاضنة لهم، فإن لم يستطع لزمه عدم القبول دفعا لتحمل الأمانة.

وأما النفقات فعلى والدهم، أو من تلزمه شرعا في هذه المسألة وما قبلها من المسائل المشابهة.

ويجب على المرأة من المسئولية وكذا على الرجل ما كان جاريا على العرف العادل (١) (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: ١٩).

وكل ما يتعذر، أو يشق على المرأة أو الرجل مشقة ظاهرة خارجة عن المعتاد سقط عنه التكليف به (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: ٢٨٦)، فلا تكليف عليهما في تلك المشقة، إلا بوالدين وولد وزوج، وزوجة، وكذا كل ما هو مختص بالآخر عرفا لزمه للأمر بالعشرة بالمعروف.

وقولنا «مختص بالآخر» أي بأحد الزوجين من أبيه وأمه وولده من غيرها، فإن واجب القيام عليهم مفروض على الزوج وإلا لأدى إلى مفاسد العقوق والتلف، ولما كان رعاية الرجل لهؤلاء متعذرة في الغالب لانشغاله بأمور العمل وطلب الرزق خارج البيت فعلى المرأة القيام بذلك لأنه من العشرة بالمعروف المأمور بها في النص (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: ٦)، وليس من المعروف ترك الزوجة هؤلاء بلا رعاية حسنة لما فيه من الإضرار بهم وبزوجها، فإن رفضت الزوجة رعاية والدي زوجها الضعيفين المقيمين معه في بيته تحت نفقته أو رفضت رعاية ولد زوجها القاصر المقيم مع أبيه في نفس البيت فلا بد -حينئذ- من تضررهم وتضرر الزوج للحوق الأذى بأخص أهله في عمود النسب والدا وولدا، وعليه -حينئذ- وعظها والمحاولة معها، فإن أبت إلا تركهم بلا رعاية وترتب على ذلك الضرر فيحرم عليه


(١) - قلنا «العادل»: احترازا عن العرف إذا كان جائرا على أحدهما جورا ظاهرا مخالفا للشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>