للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تقدموا إليها ولا تخرجوا منها» (١)، «ولا يرد ممرض على مصح» (٢).

وممرض بصيغة مُفْعِل تدل على تعديته للمرض إلى الغير بمجرد وروده على الصحيح.

وأما الأمراض المعدية غير الوبائية: فلا يحجر؛ لكثرة الابتلاء بها في المجتمع والأسرة، فيؤدي إن قيل بالحجر إلى حرج ومشقة على الناس، والحرج مدفوع (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: ١٨٥).

ولندرة الإصابة في هذا النوع بمجرد المخالطة نحو مرض الزكام، وبعض أمراض الجهاز التنفسي ونحوه.

وأما النوع الثالث من الأمراض فهي غير المعدية وهي كثيرة.

فهذا النوع والذي قبله هما مقصودان في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة» (٣)، أي: لا عدوى تنتقل بمجرد المخالطة إلا في الطاعون.

بل حتى في وباء الطاعون ليست المخالطة هي المعدية؛ ولكن لأن المرض كثرت مسبباته في الهواء والماء في مكان معين، فمن أصيب بجرعة قوية منه مع ضعف بدن هلك غالبا؛ لا أنه يهلك بمجرد مخالطة المريض.

بدليل أن أفراد الأسرة الواحدة في أرض الطاعون، منهم من يصاب ويهلك، ومنهم من لا يصاب وهو مخالط، فدل على أنه لا عدوى بالمخالطة وإنما لأمور أخرى، فالحديث عام.

ولهذا رغب الشرع في زيارة المرضى، وجعلها من أعظم القرب عند الله (٤)؛ والمستثنى هو أن يأتي شخص من خارج أرض الطاعون لزيارة مريض بداخل أرض الطاعون، فهذا يمنع للنص.


(١) - أخرجه البخاري برقم ٥٧٢٨ عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها» فقلت: أنت سمعته يحدث سعدا، ولا ينكره. قال: نعم.
(٢) - أخرجه مسلم برقم ٥٩٢٢ عن عبدالرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا عدوى». ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يورد ممرض على مصح».
(٣) - أخرجه البخاري برقم ٥٧٠٧ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد». وهو في مسلم برقم ٥٩٢٠.
(٤) - في ذلك أحاديث كثيرة، منها ما أخرجه مسلم برقم ٦٧١٧ عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع».

<<  <  ج: ص:  >  >>