للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك التصوير والتوثيق الإعلامي لا تشمله أحاديث النهي عن التصوير؛ لأن العلة كانت لحداثة الناس بعبادة التصاوير والأصنام وكان المقصود منها ذلك في الغالب؛ فمنعت لأجل ذلك.

ولهذا طمس رسول الله صلى الله عليه وسلم كل التصاوير بظل وبغير ظل في داخل الكعبة وخارجها (١)؛ لأنها تعبد من دون الله، ولم يكن منها سوى هذه المفسدة الكبيرة.

وهذا كله بخلاف التصوير والتوثيق الإعلامي اليوم؛ فمصالحه غالبة عند توجيهها.

مع أنه بعيد عن تلك العلة التي لأجلها حرم التصوير، فجاز كفرض كفاية لعظيم مصالحه، لذلك أجازه أكابر علماء العصر إلا ما ندر خلافه.

والعلة الأخرى التي لأجلها منع الرسم والنحت هي: مضاهاة خلق الله (٢).

والمقصود من فعل ذلك بقصد ذلك؛ لأنه يجوز بإجماع رسم الشجر والماء والجبل حتى في زمنه صلى الله عليه وسلم وما بعده (٣).

وهذه كلها من خلق الله.

فدل على أن المقصود بالمضاهاة هو دفع الشرك بالله بتصوير ذوات الأرواح؛ لغلبة أدائها إلى عبادتها أو التذكير بذلك.


(١) - أخرج البخاري برقم ١٦٠١ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله أما والله قد علموا أنهما لم يستقسما بها قط فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه. وفي رواية «لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت ورأى إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- بأيديهما الأزلام فقال قاتلهم الله والله إن استقسما بالأزلام قط».
(٢) - قولنا «مضاهاة خلق الله» هذه العلة منصوصة في حديث الصحيحين (البخاري ٥٩٥٤ ومسلم ٥٦٥٠) واللفظ للبخاري عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله. قالت: فجعلناه وسادة، أو وسادتين.
(٣) - قولنا «يجوز بإجماع رسم الشجر ... » فيه حديث أخرجه مسلم برقم ٥٦٦٢ جاء رجل إلى ابن عباس فقال إني رجل أصور هذه الصور فافتني فيها. فقال له ادن منى. فدنا منه ثم قال ادن منى. فدنا حتى وضع يده على رأسه قال أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقول «كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم». وقال إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له. فأقر به نصر بن على.

<<  <  ج: ص:  >  >>