يمثلهم بتفصيل، فكان أكثر ذلك دعوى في أن هذه سنتهم وهديهم وسمتهم ونحن مأمورون بالاقتداء بسنتهم، فالممثل يحتاج إلى دليل على أن هذه الحادثة كان صلى الله عليه وسلم لابسا كذا وكذا، أو جالسا أو قائما، وغير ذلك، وكذا القول في الأربعة.
وهو أمر يحتاج لحجة وسياق صحيح منقول تفصيلي، ولا طريق إليه إلا الظن والتخمين ولا يصلح طريقا للنقل.
فتبين من هذا أن تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الخلفاء يعتبر ادعاء نقل لكافة ما يظهر من قول وفعل وتقرير ولبس وهيئة وسمت أنه كذلك.
وهذا نقل يتعلق به تشريع؛ فمنع.
أما تمثيل بقية الصحابة، ومن بعدهم من الشخصيات؛ فيبقى على أصل الجواز.
ويشترط في تمثيلهم التوثيق التاريخي الشديد، ونشر محاسنهم وفضائلهم، ونشر ما استفاض صحةً، وترك ما اختلفوا فيه كأيام الفتنة؛ لقلة الروايات الثابتة؛ بل أكثرها زيف وكذب.
وأما التمثيل مطلقا فهو جائز بشروط كعدم ارتكاب المعاصي والمحرمات من فواحش ومجون وعري، فتمثيل الزنى ومواطن العري والمجون من المحرمات. لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(النور: ١٩).
والفعل المنكر لا يبرره المقصد الحسن؛ بدليل حديث خرق السفينة (١).
ومن المحرم تمثيل نوم الزوج مع الزوجة؛ لأن نوم الأجنبية مع الأجنبي في سرير واحد محرم، وهو من موجبات التعزير والعقوبة؛ لأنها دياثة وقلة مروءة وفسق ومقدمة للزنا.
(١) - حديث السفينة في البخاري برقم ٢٦٨٦ عن النعمان بن بشير، رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا ما لك قال تأذيتم بي، ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم وإن تركوه أهلكوه، وأهلكوا أنفسهم.