للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يدل على أن الخلع طلاق محسوب عليه لأن الله تعالى ذكر الطلاق فلم يُحِلَّ فيه أخذ المال ثم استثنى هذه الحالة، فأجاز أخذ المال فمن طلق ثم طلق مرة أخرى مقابل مال فهو طلاق خلع وعليه طلقتان، وبقي له طلقة واحدة إن أوقعها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره بالنص (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (البقرة: ٢٣٠).

ولا بد من الدخول الحقيقي «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (١).

ولا يجوز الزواج بقصد التحليل للنص «لعن الله المحلل والمحلل له» (٢).


(١) - أخرجه البخاري برقم ٢٦٣٩ عن عائشة رضي الله عنها جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فأبت طلاقي فتزوجت عبدالرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب فقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك، وأبو بكر جالس عنده وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له فقال يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) - أخرجه أبو داود برقم ٢٠٧٨ عن الحارث عن علي رضي الله عنه -قال إسماعيل وأراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لعن الله المحلل والمحلل له».
وهو في سنن ابن ماجة برقم ١٩٣٤ عن ابن عباس، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل، والمحلل له.
وعند ابن ماجة برقم ١٩٣٦ عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: هو المحلل، لعن الله المحلل، والمحلل له.
وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير برقم ٧٢٦٦ (لعن الله المحلل) بكسر اللام الأولى (والمحلل له) قال القاضي: الذي يتزوج مطلقة غيره ثلاثا بقصد أن يطلقها بعد الوطء ليحل للمطلق نكاحها فكأنه يحلها على الزوج الأول بالنكاح بالوطء والمحلل له الأول وإنما لعنهما لما فيه من هتك المروءة وقلة الحياء والدلالة على خسة النفس أما بالنسبة للمحلل له فظاهر وأما بالنسبة للمحلل فلأنه يعير نفسه بالوطء لغرض الغير فإنه إنما يطؤها ليعرضها لوطء المحلل له ولذلك مثل كما في خبر بالتيس المستعار وليس في الخبر ما يدل لبطلان العقد كما قيل بل لصحته من حيث إنه سمى العاقد محللا وذلك إنما يكون إذا كان العقد صحيحا فإن الفاسد لا يحلل هذا إن أطلق العقد فإن شرط فيه الطلاق بعد الدخول بطل ذكره القاضي ... قال الترمذي: حسن صحيح قال ابن القطان: ولم يلتفت لكونه من رواية أبي قيس عبدالرحمن بن مروان وهو مختص به. أ. هـ.
وقال ابن حجر: رواته ثقات وقال الذهبي في الكبائر: صح من حديث ابن مسعود ورواه النسائي والترمذي بإسناد جيد عن علي. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>