للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآية نص عام في التعامل مع اليتامى بالإصلاح في دينهم، وأموالهم، وأنفسهم، وأعراضهم، وعلمهم.

فأما دينه: فيعلم ما أمر الله به من الفرائض والآداب والأخلاق ويؤمر بالصلاة لسبع، ويؤدب بما ينفعه في أموره الدينية.

وينظر له في دينه ما ينظر إلى الولد النسبي، وإنما قلنا كالولد النسبي في النظر؛ لأن الدين النصيحة (١).

ولأنه «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (٢).

ولأن الأمر في قوله تعالى (قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ) (البقرة: ٢٢٠)، راجع إلى كل إصلاح عرفي مع أمثاله في السن، فالكافل يعامله كأمثاله من أبنائه في كل ما يصلحه من تعليم وتربية ودربة على الالتزام بالواجبات والسنن، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ويحذره من الشرك والمعتقدات الفاسدة، ويأمره بالبر وإيتاء ذي القربى حَقَّه، ويأمره بالتواضع، وترك البطر، والكبر، والفخر في قول أو فعل: كالفخر بالمال، أو النسب، أو الحطام، ويأمره باجتناب الاختيال مشيا، والتصعير للناس، ويأمره بالقصد في المشي وغض الصوت، وترك الكسل والتسويف (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان: ١٧ - ١٩).

ويُعَلَّم بالقدوة قيام الليل والذكر والآداب كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل مع ابن عباس وابن مسعود (٣)، ويعلم فرضا التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم؛ لأنها من أعظم مصالحه الشرعية التي تدخل في الأمر (إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ).


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - تقدم تخريجه.
(٣) - أخرجه البخاري برقم ١٣٨ عن ابن عباس قال بت عند خالتي ميمونة ليلة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فلما كان في بعض الليل قام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ من شن معلق وضوءا خفيفا وقام يصلي فتوضأت نحوا مما توضأ ثم جئت فقمت عن يساره فحولني فجعلني عن يمينه ثم صلى ما شاء الله ثم اضطجع فنام حتى نفخ ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة فقام معه إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ قلنا لعمرو إن ناسا يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>