للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله هي العليا، وطاعة الأمر، ووحدة القيادة ووحدة القرار وطاعته.

والفرق بين الأركان والشروط أن الأركان مفروضة حال المعركة المعيَّنة وما يتعلق بها من السوابق واللواحق.

أما الشروط فهي أمور مفروضة قبل مباشرة أيِّ معركة قتالية في سبيل الله.

فالثبات ركن لصحة الجهاد حال اللقاء، ودليل ركنيته الأمر به والنهي عن ضده المعين (إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ) (الأنفال: ٤٥)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ) (الأنفال: ١٥)، واجتماعهما نصا على أمر واحد يدل على عدم الصحة إلا بوجوده، وهذا دليل على الركنية أو الشرطية.

وإنما جعلناه ركنا لا شرطا؛ لأن الركن جزء من الشيء بخلاف الشرط، والثبات جزء من القتال حال المعركة، فهو كالقيام في الصلاة حال أدائها.

وأما الإخلاص لله فهو أمر قلبي، وهو ركن لصحة العمل عند الله.

وأما القتال لتكون كلمة الله هي العليا فللنص «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (١)، و «من قاتل تحت راية عمية ينصر عصبة فهو من جثي جهنم» (٢).

والقتال حينئذ محرم، وقد جمع هذان الركنان في قوله تعالى (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (الأنفال: ٤٧)، فحرم القتال رياء وبطرا بلا هدف مشروع.

وأما طاعة الأوامر فلأن معصيتها مؤد إلى مفسدة الفشل والتنازع وعدم النصر (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: ١٥٢).

وأما توحد القيادة على قائد مطاع فوجوبه الركني حال القتال في سبيل الله مستفاد من (وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: ٤٦)، والنهي يفيد الفساد كما هو معلوم في الأصول.


(١) - فدل على الركنية مع كون تركه مؤدياً إلى إبطال مقصود الجهاد ..
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>