للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ضُبِطَ معه عملة ورقية مزورة حقق معه، فإن ظهر مخدوعا لا علم له كمن أعطيها بقيَّة مبلغ، أو صرف ونحوه، وهو لا يميز ذلك؛ فلا ضمان عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته لإمكان ذلك.

ويجب تتبع الأمر حتى يتوصل إلى الجناة وجوبا؛ لأنه من دفع الفساد العام، وهو فرض على الدولة؛ ولأنه مما يخدم حفظ المال وهو أحد مقاصد الشريعة الكبرى.

ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر على السوق ويدخل يده في الطعام فأحس فيها بللا، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام من غش فليس منا». أخرجه مسلم (١).

ويُعَزَّرُ التعزير الرادع له ولغيره بما يحفظ المال العام؛ لأنه من جلب المصالح العامة ودفع المفاسد.

ويحرم على الدولة طباعة العملة بدون مصلحة راجحة؛ لأنه يؤدي إلى تضخمها وضياع قيمتها؛ فلا تشترى السلع إلا بمبالغ كثيرة.

فيؤدي إلى قلة قيمة العملة لدى الأشخاص؛ لأن ما يتقاضونه من دخل رسمي أو غير رسمي لا يكافئ حاجاتهم وضرورياتهم.

فيشترون بدخولهم الضرورات، ولا يزيدون بل قد لا يُحصِّلون حاجتهم من الضرورات.

فيؤدي حينئذ إلى الكساد التجاري لقلة من يشتري؛ لتوجه الناس إلى الضرورات العاجلة، ويؤدي هذا الكساد إلى قلة الاستثمار، وظهور الفقر، والبطالة لقلة الأعمال.

ويؤدي ذلك إلى مفاسد في الأخلاق والأعراض والسياسات، وتظهر الرشوات وبيع الذمم وشهادات الزور، وشراء الأصوات في الانتخابات، وتظهر الأتباع والأذناب والجواسيس والعملاء وغير ذلك.

هذا إذا طبعت العملة الورقية مع عدم الحفاظ على قيمتها.

أما لو طبعت بكثرة مع الحفاظ على قيمتها الشرائية بما يؤدي إلى وفرتها؛ فإنه يقابلها زيادة سعر السلع لكثرة النقود؛ وزيادة الطلب على السلع.

ويؤدي إلى زيادة الرواتب والأجور.


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>