للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبنا في سفرنا» (١).

والآثار التاريخية في الأرض يحافظ عليها؛ لأنه تحقيقٌ لمقصود الشرع في الأمر (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (النمل: ٦٩)، ولا نظر إلا بوجود هذه الآثار، والأمر بإتلاف الأصنام هو لما كانت تعبده العرب في مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا لم يأمر بهدم أصنام ومعبودات القرى البائدة لما مر عليها، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع (٢).

وتستغل الآثار سياحيا، ولا يجوز لأحد بيعها بل هي ملك عام للدولة.

وينتقل عن أرض فرارا من معصية لا يمكن تركها إلا بذلك لحديث «أن رجلا من بني إسرائيل قتل مئة نفس .... » (٣).

وأخذ جنسية دولة أخرى جائز ولو دولة كفر؛ لأن وصف الدين والوطن لا يتضادان كصهيب الرومي، وحديث «أنا بريء ممن أقام بين ظهراني المشركين» (٤) محمول على ما قبل الفتح لعموم «لا هجرة بعد الفتح» (٥)، أو على بلد محارب لأنه قد يصاب ويهدر دمه (٦).

والفساد في الأرض محرم بأنواعه (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة: ٢٠٥).

وإذا صنفت الجريمة فسادا في الأرض فحدها حرابة (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ


(١) - أخرجه مسلم برقم ٧٠٧٥ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر وأسحر يقول «سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا بالله من النار».
(٢) - انظر فقه «الفن وفقه السياحة» من كتابنا هذا.
(٣) - أخرجه البخاري برقم ٣٤٧٠ عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله فقال له هل من توبة قال: لا فقتله فجعل يسأل فقال له رجل ائت قرية كذا وكذا فأدركه الموت فناء بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه أن تقربي وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له. وهو في مسلم برقم ٧١٨٤.
(٤) - تقدم تخريجه.
(٥) - تقدم تخريجه.
(٦) - أنظر «فقه الأقليات».

<<  <  ج: ص:  >  >>