ولا يجوز لدولة التعنت بمنع أو عرقلة حركة الطيران المدني في أجوائها؛ لأنه بغي وعدوان وضرر، وهذه محرمات.
وأما الطيران الحربي؛ فإن كان للكافرين فلا يجوز دخوله أجواء الدولة المسلمة بأي وجه؛ لأنه لا معنى له سوى الهيمنة على دولة الإسلام وإرهابها وانتهاك سيادتها وإذلالها.
ولأنه لا يخلو الأمر حينئذ من أن يكون بإذنٍ أو لا.
أما إن كان من غير إذنٍ فواضح تحريمه قطعيا؛ لأنه لا معنى له سوى العدوان المسلح على الدولة، إلا إن كان خطأ واعْتُذِر منه، ومنع تكراره، فإن تكرر فهو عدوان لا يُقْبَل الاعتذار منه، ووجب ردعه.
فإن كان بإذن فهو محرم؛ لأن الإذن الصادر من الدولة ممنوع في هذا الباب؛ لأن ولايتها على الشعب ولاية نظر مصلحي عام، وليس هذا منه، بل هو ضرر غالب أو محض.
لذا لا يمكن لدولة قوية أن تأذن به تحت أي مبرر فضلا عن دول الهيمنة الكبرى، إذ هو مصنف في المخالفات الدستورية والسيادية والوطنية الكبرى، فدل على أن المنع مصلحة معتبرة مقررة في دولهم، وهي كذلك.
فيحرم على دولة الإسلام الإذن لطيران حربي للكافرين من دخول الأجواء تحت أي مبرر؛ لأنه من أعظم السبيل للكافرين عليهم، وهو محرم (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)(النساء: ١٤١).
فإن كان الطيران الحربي للكافرين يخترق الأجواء للدولة المسلمة لضرب أهداف فيها تحت أي مسمى فيجب إسقاطه، أو إسقاط النظام الحاكم في الدولة المسلمة؛ لأنه عميل موال على أهل الإسلام، فصار منهم لا منا للنص (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(المائدة: ٥١).
وبطلت طاعته؛ لأن شرطها أن يكون «منا» للنص (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(النساء: ٥٩).
وإن كان لضرب أهداف في دولة أخرى، وأذنت دولة الإسلام بذلك، فالإذن باطل كذلك.
فإن كان الضرب لدولة مسلمة أخرى؛ فخلع السلطة الحاكمة الآذنة فرضُ عينٍ على كل فرد