والأدلة على المعاوضة على المنافع كثيرة بنوعيها، أعني ما له ثمن في العرف مستقر وهي هذه، وما ليس له ثمن مستقر في العرف، وهي: الحقوق المالية التي سبقت، كأخذ الأجرة على الحق الفكري والرقيا، وهي منفعة غير متقومة وليس لها سعر مثل في العرف «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»(١).
ولأن الشريعة جاءت لرعاية المصالح ودفع المفاسد، وهذه منها؛ ولأن العادات محكمة إن لم تخالف شرعا، وهذه لم تخالف. ولعموم (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: ٢٩).
فأحل كل عمل تجاري قائم على التراضي، وهو عقود المنافع والخدمات التي صارت اليوم من أظهر التجارب. ولقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)(البقرة: ٢٧٥). فأحل كل بيع وأطلق في المبيع، وحرم الربا.
فمن حددها ببيوع معينة، أو تجارات معينة احتاج إلى قاطع للإخراج من هذه القواطع الأصول.
ولم يأت من محرمات المعاملات التجارية تحريمُ بيع المنافع، أو حصرُ الحل على صورةِ العقد في زمن التشريع.
وقد ذكرنا مهمات الأصول والقواعد في مبدأ فقه المال.
ونذكر إن شاء الله في الأنظمة المالية كل دليل غير ثابت سبب الاستدلال به اختلافا في الأنظار.
ونقرر قاعدة في العقود المالية، ونحصر مع قديمها حديثَها.
ونذكر أصولها بلا تحير أو تكلف في ليِّها لتوافق عقدا قديما. إذ القديم مقر شرعا بالأصول العامة، والعلل والقواعد، والمقاصد المالية. والجديد مقر شرعا بالأصول والعلل والقواعد والأصول المالية. لا لمجرد أنه وافق القديم.
ونحرر قواطعَ ما ثبت من الأمور التي تؤثر في صحة العقود وعدمها؛ لتكون ملاذا للناظر