للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره بأجر مقطوع، أو نسبة.

وقد تكون التوكيلات في معنى لا في سلعة، كشركات النقل والسفريات والسياحة؛ فإنها توكيلات على منفعة معنوية مستفادة للعميل مقابل عوض على الوكالة.

وقد تجتمع هذه المعاني جميعا في عقد واحد كبعض شركات التوكيلات التي تجمع بين الوكالة في منتج معين وبين المنافع والخدمات والإجارات، وقد لا يكون ذلك، وهو أمر راجع إلى منصوص العقد.

ولا يمكن تخريج هذه العقود على أحكام الإجارات، أو المضاربات، أو الوكالة المفردة المنصوصة في كتب الفقه، ومن رام ذلك تكلف، والتكلف مذموم (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (ص: ٨٦).

ولأن الشريعة سهلة يسيرة: تطبيقا، وفهما، وعملا، وتفقها.

وتعسير تصور مسائلها خروج عن سننها.

وكل من تكلف في تخريجٍ أو تشبيهٍ بما سبق فالخطأ صنوه.

فمسمى هذه العقود هو ما جرى عليه السوق والعادة من الأسماء؛ لأن الشرع لم يسم العقودَ وإنما بيَّن ما يصح منها، وما لا يصح.

ولم يثبت في نص أنه غيَّر اسما لعقد مع جريان هذا في أسماء الأشخاص والأماكن (١).

فدل على أن الأسماء تؤخذ من التعامل الجمهوري العام بين الناس، ولا يحتاج الفقيه إلا إلى معرفة حقيقة المسمى لينظر في موافقته للشرع ويعطيه حكمه.

وجميع تسميات عقود العصر تبقى على ما هي عليه في السوق، وعمل الفقيه بيان حكمها من النصوص لا من العقود القديمة ولا تغيير اسمها لتكون عقد قرض أو سلم أو صرف أو غيره.

فهذه قاعدة هامة أدى الغفول عنها إلى كثير من التعب والإرهاق لبحَّاثة ومتفقهةٍ وفقهاء.

وعقد الوكالات هو عقد مباح في الأصل؛ لعموم (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩).


(١) - قولنا «جريان هذا» أي التغيير في الأسماء، فقد ثبت تغيير أسماء أماكن مثل يثرب إلى طيبة، وثبت تغيير أسماء أشخاص كذلك، بخلاف أسماء العقود التجارية فلم يتعرض الشرع لتغييره.

<<  <  ج: ص:  >  >>