للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد العصر كان وقتا تبور فيه السلعة، فجريان تعاملهم على أسواق تقوم في ساعات من نهار أو زمن من الأسبوع أو السنة ثم تنتهي.

فبدلا من أن يُصَرِّف التاجر السلعة حينئذ أوقع بإيهامه وقَسَمِه المشتري خداعا وكذبا.

فهذا في التفاوض التجاري محرم، وكبيرة من الكبائر، وضار بالسوق والمستهلك والمشتري.

ز- ويندب عند التفاوض طلاقة الوجه والابتسامة؛ لأنه من الإحسان لعموم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: ٩٠)، ولأنه من السماحة وهي محمودة في البيوع، ولأنه من مكارم الأخلاق والشريعة قصدت حفظها وتتميمها، ولأنه أوقع وأوثق لاستمرار التعامل التجاري، وهذه مصلحة مباحة والشريعة رعت المصالح.

ح- ويشرع السماحة في التفاوض والتساوم؛ لعموم «رحم الله امرءا باع سمحا واشترى سمحا» (١)، ولأنه خلق فاضل يدفع الطمع والحرص، ودفع هذه مرغوب في الشرع.

ط- ويحرم تعمد البخس للسلعة أو ثمنها؛ لعموم (وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) (الأعراف: ٨٥)، والبخس تحقير الشيء بما يسقط قيمته إسقاطا فاحشا، وهذا ضرر فاحش واجب الدفع؛ إذ يحمل على الزهد في السلعة؛ ويؤدي بالمالك إلى عرضها وبيعها بما هو ضرر عليه حقيقة، وإن رضي بالصفقة المبخوسة ظاهرا.

ولا مانع حال التفاوض من شرط الرد عند ظهور خداع في الصفقة؛ لحديث «كان رجل يخدع في البيوع، فقال صلى الله عليه وسلم: إذا بايعت فقل لا خلابة» (٢)، أي لا خداع.

وله عند التفاوض والسوم أن يأخذ السلعة ويقلبها ويتأملها، سواء كانت هي أو نموذجا لها.

ويجوز له الذوق للمطعوم وتجربة ما يحتاج إلى معرفة مطابقته للطلب، لأن هذه الأمور وسيلة تحصيل ركن الرضى في التبايع.


(١) - أخرجه البخاري برقم ٢٠٧٦ عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى».
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>