للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيدل على عموم العفو في سائر صور العقد، تقدم الثمن أو تأخر بتقسيط أو كمال.

وأما المثمن وهو السلعة المعقود عليها في العقد الصناعي فيشترط فيها أن تكون من الطيبات لا الخبائث (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) (الأعراف: ١٥٧).

والشرط الثاني أن تكون السلعة حلالا غير محرمة.

فَشَرْطٌ فيما يجوز أكله وأكل ثمنه أمران: الأول أن يكون حلالا فخرج به الحرام الميتة والخنزير والميسر والأقمار والخمر والدم والأصنام.

والثاني أن يكون طيبا غير مستخبث.

فلا يجوز العقد الصناعي على سلعة محرمة بالنص على عينها كالخمر، أو معناها وهي الخبائث.

فالعقد على إنتاج الخمر والمخدرات باطل لتحريمه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: ٩٠)، «لعن الله في الخمر عشرة بائعها ومشتريها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وشاربها وآكل ثمنها وشاهدها» (١).

وكذا عقود المخدرات، وهي من الفساد في الأرض، وحدها حد الحرابة (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: ٣٣).

ويبطل عقد استصناع أعلاف من دم ومستخلصات الميتة والخنزير ولو خلط بغيره، لأن ما حرم بالنص حرم قليله وكثيره «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (٢).


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - أصله في البخاري برقم ٢٤٢ عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل شراب أسكر فهو حرام. وأما رواية «فقليله» فهي في سنن أبي داود برقم ٣٦٨٣ عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيره فقليله حرام». قلت: وهو حسن صحيح. وله شاهد حسن صحيح عند النسائي برقم ٥٦٠٧ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وأخرجه أحمد برقم ١٢١٢٠ بسند على شرط مسلم من حديث أنس. وله شاهد حسن في الشواهد من حديث خوات بن جبير عند الحاكم في المستدرك برقم ٥٧٤٥. وله شاهد حسن في الشواهد عن ابن عمر عند أحمد وفيه أبو معشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>