للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعرق ظالم حق» (١)، ولعموم (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (النساء: ٢٩)، وطريق الغصب باطل، وما ترتب على الباطل باطل.

ولو أدخل ماله في المغصوب: كأن زرع الأرض المغصوبة، فله قيمة الحبوب قبل الزرع، وما فعله بعد ذلك باطل ويحتمل ألا قيمة للحبوب لأنه أهدرها بيده لعموم «ليس لعرق ظالم حق»، ولو حكمنا له بشيء لكان أكلا لأموال الناس بالباطل، وهو محرم؛ لأن أتعابه وزرعه كله عن طريق الباطل وهو الغصب؛ فحرم نماؤه لأنه عدوان في مال الغير.

وكل أكل منه محرم سواء أكله الغاصب مباشرة أو حكمنا على صاحب الأرض المغصوبة أن يعطيه العِوض عن الزرع، فالعوض حرام؛ لأن المعاوضات لا تكون إلا بتجارة عن تراض ولا تراضي هنا بل هو إجبار ناتج عن عدوان الغاصب، وقد قضى الشرع بإهدار الحق لعرق الظالم، وهذا منه.

ولو أدخل ماله في المغصوب وكان قبل إدخاله لا ثمن له فهو باطل؛ لأنه ليس له إلا ماله منفردا عن المغصوب، لأن كافة التصرفات باطلة في المغصوب فلا تقويم لها، زاد الثمن أولا.

ولو أدخل جهده فهو هدر لما قدمنا.

ولو أمر صاحب المغصوب بخلع الزرع فله ذلك، ولا تعويض لعموم ما تقدم «ليس لعرق ظالم حق»، (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (النساء: ٢٩).

ولو كانت خشبة في دار أو حجر فلا يعوض إلا القيمة؛ لأن الأصل في هذه الأمور المسامحة وعدم المشاحة، والتسامح من مكارم الأخلاق، والشريعة جاءت لرعايتها بخلاف ما لو كانت مما له خطر وثمن كبير لا يتسامح فيه عادة كمن بنى على الأرض، فلا يعوض إلا برضى المغصوب منه.

والقاعدة أن لا تقدير لعمل الغاصب، بل هو هدر.

وأما ماله إن أدخله في المغصوب فإن أمكن إزالته بلا ضرر على المغصوب كإزالة الزرع


(١) - تقدم الحديث وتخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>