للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إما عاطفة أو رابطة، ولا يصح كونها في: زيد فمنطلق عاطفة؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يصير المبتدأ بغير خبر ولا رابطة؛ لأن الخبر مرتبط بالمبتدأ من غير دخول الفاء، ولا تجوز دعوى الزيادة؛ لأن زيادة الحروف خارجة عن القياس، فلا يقال به إلا أن يرد بذلك سماع قياس مطرد، كما فصل بالباء في خبر ما وليس، ولم يجئ في الفاء إلا قولهم: أخوك فوجد، وقولهم: ويحدث ناس والصّغير فيكبر.

وأجاز بعض الكوفيين دخول الفاء في الخبر إذا كان أمرا أو نهيا نحو قولك: زيد فاضربه، وعمرو فلا تشتمه، ومنعوا دخولها في نحو قولك: زيد فقائم، وإنما أجازوا ذلك حملا للرفع على النصب، وذلك أن العرب تقول: زيدا فاضرب وبزيد فامرر، فيتقدم معمول ما بعد الفاء عليها، ووجه ذلك أن الأصل: تنبه فاضرب زيدا، أو تنبه فامرر بزيد، فحذفت الجملة الأولى لدلالة المعنى عليها، فبقيت الفاء أول الكلام، وهي موضوعة على ألا تكون كذلك، فقدم ما بعدها عليها إصلاحا للفظ.

فأجازوا على ذلك أن يقال: زيد فاضربه على أن يكون الأصل: تنبه فزيدا اضربه، ثم حذف تنبّه، فبقيت الفاء أولا فتقدم المبتدأ عليها إصلاحا للفظ.

قال (١): والصحيح أن ذلك لا يقال به إذا وجد في كلامهم: زيد فاضربه؛ إذ لم تدع ضرورة [١/ ٣٨٨] إلى تقدير حذف جملة، وتقديم ما بعد الفاء عليها، إذ قد يمكن جعل زيد خبرا لمبتدأ محذوف، ويكون التقدير: هذا زيد فاضربه، وتكون الفاء رابطة لجملة الأمر بالجملة التي قبلها أو عاطفة لها عليها، وإذا نصبت أو جررت والفعل بعد الفاء مفرغ لم يكن بد من ادعاء التقديم، إذ لا عامل له إلا الفعل الذي بعدها، فتبين إذن أن قول العرب: زيد فاضربه لا ينبغي أن يحمل على زيادة الفاء في الخبر كما ذهب إليه أبو الحسن؛ لأن زيادتها لا تنقاس للعلة التي تقدم ذكرها، ولا على ما ذهب إليه الكوفيون، وهو أن الأصل: تنبه فزيد اضربه لما في ذلك من تقدير حذف جملة، وتقديم ما بعد الفاء عليها، ولم تدع إلى ذلك ضرورة؛ إذ قد يمكن الحمل على ما ذكرناه» انتهى (٢). -


(١) القائل هو ابن عصفور أيضا، وانظر التعليق السابق.
(٢) أي كلام ابن عصفور، وانظر التعليقين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>