للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إتباع مجرور المصدر لفظا أو محلّا ما لم يمنع مانع]

قال ابن مالك: (ويتبع مجروره لفظا، ومحلّا، ما لم يمنع مانع، فإن كان مفعولا، ليس بعده مرفوع بالمصدر جاز في تابعه الرّفع، والنّصب، والجرّ).

قال ناظر الجيش: المجرور بالمصدر إمّا مرفوع الموضع، وإما منصوب الموضع فلك في التابع من نعت أو معطوف وغيرهما أن تجره، حملا على اللفظ، وهو الأجود، ولك أن ترفعه حملا على الموضع؛ إن كان المجرور مرفوع الموضع، وأن تنصبه إن كان المجرور منصوب الموضع، فأما الجر فمستغن عن شاهد، وأما الرفع فمن شواهده في النعت قول الشاعر:

٢٣٢٢ - لقد عجبت وما في الدّهر من عجب ... أنّى قتلت، وأنت الحازم البطل؟

السّالك الثّغرة اليقظان سالكها ... مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل (١)

الفضل: اللابسة ثوب الخلوة، وهو نعت «الهلوك» على الموضع؛ لأنها فاعل المشي، ومن شواهده في العطف قراءة الحسن رضي الله تعالى عنه: (أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعون) (٢) وقول الشّاعر: -


(١) البيتان من البسيط، وقائلهما المتنحل الهذلي، واسمه مالك بن عويمر، والبيتان في ديوان الهذليين (٢/ ٣٣، ٣٤).
اللغة: أنّى قتلت: كيف قتلت؟ الثغرة: موضع المخافة، الهلوك: الفتاة التي تتهالك، وتتغزل، وتتساقط، الخيعل: القميص القصير أو الذي لا كم له، أو الذي ليس تحته إزار، فإن كان «الفضل» صفة لـ «الخيعل» فلا شاهد فيه، وإن كان «الفضل» - وهي المرأة اللابسة ثوب الخلوة - صفة لـ «الهلوك» ففيه الشاهد؛ حيث رفع «الفضل» على أنه صفة لـ «الهلوك» على المحل؛ لأنه فاعل المشي.
ينظر الشاهد أيضا في: ابن الشجري (٢/ ٣٠)، واللسان مادة «فضل»، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٢١).
(٢) سورة آل عمران: ٨٧، ورسمها في المصحف: أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. أما القراءة المستشهد بها ففي القرطبي «تفسيره سورة البقرة» يقول: (وقد قرأ الحسن البصري):
والملائكة والناس أجمعون وتأويلها: (أولئك جزاؤهم أن يلعنهم الله ويلعنهم الملائكة، ويلعنهم الناس أجمعون) ثم قال: (وقراءة الحسن هذه مخالفة للمصاحف) اهـ أي لرسم المصاحف. والقراءة في إملاء ما منّ به الرحمن للعكبري (١/ ٧٠) بالرفع، وهو معطوف على موضع اسم الله؛ لأنه في موضع رفع؛ لأن التقدير: أولئك عليهم أن يلعنهم الله؛ لأنه مصدر أضيف إلى الفاعل.
وينظر أيضا: البحر المحيط (١/ ٤٦٠، ٤٦٢)، والإتحاف (ص ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>