[تقسيم الفعل إلى متعدّ ولازم - إجراء اللازم مجرى المتعدي]
قال ابن مالك:(ان اقتضى فعل مصوغا له باطّراد اسم مفعول تامّ نصبه مفعولا به وسمّي: متعدّيا وواقعا ومجاوزا، وإلّا فلازما: وقد يشهر بالاستعمالين فيصلح للاسمين. وإن علّق اللّازم بمفعول به معنى عدّي بحرف جرّ، وقد يجرى مجرى المتعدّي شذوذا، أو لكثرة الاستعمال أو لتضمين معنى يوجب ذلك. واطّرد الاستغناء عن حرف الجرّ المتعيّن مع «أنّ» و «أن» محكوما على موضعهما بالنّصب لا بالجرّ، خلافا للخليل والكسائيّ، ولا يعامل بذلك لتعيّن الجارّ غيرهما، خلافا للأخفش الأصغر، ولا خلاف في شذوذ بقاء الجرّ في نحو:
أشارت كليب بالأكفّ الأصابع)
قال ناظر الجيش: ترجمة هذا الباب لا تطابق ما بني عليه ترتيب أبواب الكتاب؛ لأنه من هنا شرع في ذكر المنصوبات، ولا شك أن المفاعيل الخمسة أصلها، وهو قد ترجم كلّا من أبواب المفاعيل الأربعة، أعني المفعول المطلق، والمفعول فيه، والمفعول له، والمفعول معه بما وضعه له، وهذا باب المفعول به، وقد عدل عن ترجمته بذلك إلى الترجمة بتعدي الفعل ولزومه؛ ولذلك صدر الباب ببيان كل من الفعلين، وكان الواجب أن يترجمه بالمفعول به، لتوافق الأبواب الخمسة، في ترجمة كل منها بما هو له [٢/ ٣٠٨]، وليكون سرد تراجم الأبواب مطابقا لما تقدمت إشارته إليه، حيث قال: والنصب للفضلة، وهي مفعول مطلق، أو مقيد، أو كذا أو كذا؛ وإذ قد نبه على هذا فاعلم أن الفعل له متعلقات منها الفاعل، ومنها المفاعيل الخمسة، وكلها من مقتضيات الفعل؛ ولكن اقتضاؤه لها بجهات مختلفة، وقد تعرض النحاة إلى ذكرها، قال ابن أبي الربيع: ما يطلبه الفعل ببنيته هو عمدة، وهو الفاعل، ولا يجوز إسقاطه لما في ذلك من نقض الغرض، وما جاء بعد ذلك مما يقتضيه الفعل أو يستدعيه أو يلازم مستدعاه ينصبه، والذي يقتضيه الفعل شيئان: المصدر وظرف الزمان، والذي يلازم مستدعاه: ظرف المكان، والذي يستدعيه ثلاثة أشياء: محله، -