قد أخذ أحسن ما فيه من علم، واستحوذ على لبه، ووضعه في كتابه، وترك الغث منه والتطويل الذي لا قيمة له. وفوق ذلك أخذ اعتراضاته على ابن مالك ليجيب عنها ويرد عليها.
وأما ابن عصفور فقد كان ناظر الجيش يجله إجلالا شديدا ويحبه حبّا كبيرا، ويرى أنه حامل راية النحو في بلاد الأندلس، وأنه العلم الذي لا يبارى؛ فاقتنى كتبه كلها، واستحوذ عليها، وقرأها قراءة الفاهم الواعي، وأخذ أحسن ما فيها وضمنه كتابه. وتظهر قيمة شرح التسهيل لناظر الجيش أن سفرين كبيرين لابن عصفور قد ضاعا. وهما: شرح الإيضاح له وشرح المقرب؛ فلم يبق منهما إلا النقول التي نقلها محب الدين محمد بن يوسف الملقب بناظر الجيش، وضمنها كتابه.
ولا تكاد تعدم في تأثر ناظر الجيش بمن سبقوه من كتب في اللغة والبلاغة والأدب، كالتهذيب للأزهري، والصحاح للجوهري، والنوادر لأبي علي القالي، ومفتاح العلوم للسكاكي.
وهناك كتب كثيرة أخذ منها وانتفع بها؛ وإن لم يشر إليها مثل: كتب أبي علي الفارسي، وكتب ابن الحاجب، وشرح الجمل لابن الضائع.
[ثانيا: التأثير]
أما تأثير ناظر الجيش وشرحه فيمن جاء بعده من أعلام وكتب، فهو كبير.
وهناك نقول كثيرة مبثوثة في ثنايا كتب النحو التي جاءت بعد شرح التسهيل.
وسنشير هنا إلى بعض هذه الكتب وإلى أماكنها وصفحاتها وأجزائها؛ لأن الهدف من وراء ذلك هو إثبات أن شرح التسهيل لناظر الجيش قد عرف طريقه إلى كتب وتآليف النحويين من بعده في عصر لم تكن فيه مطابع ولم يكن للكتاب إلا نسختان أو ثلاثة. أما اليوم - وبعد طبع الكتاب - فإننا سنجد له تأثيرا كبيرا وانتشارا عظيما. والآن إلى الدلالة على هذه النقول وأماكنها:
١ - بدر الدين الدماميني، في شرحه على التسهيل المسمى: تعليق الفرائد.