للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[من الجارة: معانيها، وأحكامها]]

قال ابن مالك: (فمنها «من» وقد يقال: منا وهي لابتداء الغاية مطلقا على الأصحّ وللتّبعيض ولبيان الجنس وللتّعليل وللبدل وللمجاوزة وللانتهاء وللاستعلاء وللفصل ولموافقة الباء ولموافقة في. وتزاد لتنصيص العموم أو لمجرّد التّوكيد بعد نفي أو شبهه جارّة نكرة مبتدأ أو فاعلا أو مفعولا به ولا يمتنع تعريفه ولا خلوّه من نفي أو شبهه وفاقا للأخفش وربّما دخلت على حال. وتنفرد «من» بجرّ ظروف لا تتصرّف كـ: قبل وبعد وعند ولدى ولدن ومع وعن وعلى اسمين، وتختصّ مكسورة الميم ومضمومتها في القسم بـ «الرّبّ» والتّاء واللّام بـ «الله» وشذّ فيه: من الله وتربّي).

ــ

إلا ما يناسبها وهو التشبيه وأنت لو قلت: جاءني الذي أشبه كزيد؛ لم يجز لأن «أشبه» لا يتعدى بالكاف بل يتعدى بنفسه (١). انتهى. أما قوله: لا يحذف ما يعمل في المجرور إلا ما إلى آخره؛ فكلام عجيب. ولو كان الأمر كما قال لامتنع أن يقول القائل: جاءني الرجل الذي من بني فلان؛ فإن الاستقرار هو المقدر وليست «من» للوعاء وكذا كان يمتنع قولنا: المال لزيد؛ لأن معنى اللام ليس معنى الاستقرار وقوله: لا يقدر إلا ما يناسب الحرف ممنوع إنما

الواجب أن المقدر لا ينافي معنى الحرف ولا شك أن لا منافاة بين الاستقرار ومعنى الكاف، والذي يظهر أن يقال:

إن الكون العام يصح تقديره مع كل حرف؛ إذ لا منافاة بين الكون العام وبين شيء؛ لأن كل معنى لا بد أن يكون له كون ما. وهذا هو المراد بالكون العام ومن ثم يعبر عنه بالحصول والوجود ونحو ذلك.

قال ناظر الجيش: قال المصنف (٢): حكى الفرّاء (٣) أن بعض العرب يقول في من: منا، وزعم أنه الأصل وخففت لكثرة الاستعمال بحذف الألف وتسكين النون، ومجيء «من» لابتداء الغاية في المكان مجمع عليه كقوله تعالى: مِنَ الْمَسْجِدِ -


(١) شرح الجمل (١/ ٤٨٣) وما بعدها.
(٢) شرح التسهيل (٣/ ١٣٠) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد، ود/ محمد بدوي المختون.
(٣) انظر: معاني القرآن له (١/ ٣٨٤)، وانظر: التذييل (٤/ ١)، والهمع (٢/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>