للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[أحكام تقديم التمييز على عامله]]

قال ابن مالك: (ولا يمنع تقديم المميّز على عامله إن كان فعلا متصرفا وفاقا للكسائي والمازنيّ والمبرّد، ويمتنع

إن لم يكنه بإجماع، وقد يستباح في الضّرورة).

قال ناظر الجيش: قد علم أنّ المميز نوعان: منتصب عن تمام الاسم، ومنتصب عن تمام الكلام، أما المنتصب عن تمام الاسم فلا يجوز تقديمه على العامل فيه، وأمّا المنتصب عن تمام الكلام فمنه ما هو منقول، ومنه ما هو غير منقول، أما عن غير المنقول فلا يجوز تقديمه على العامل فيه أيضا نحو: كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (١) و «ما أحسن زيدا رجلا». وأما المنقول فإن كان [٣/ ١٠٠] العامل فيه فعلا لا يتصرف امتنع التقديم عليه أيضا نحو: «ما أحسن زيدا عقلا» وبيان كونه منقولا أنّ أصله: حسن زيد عقلا، أي: حسن عقل زيد، وهذا بخلاف «ما أحسن زيدا رجلا» حيث قيل: لا نقل فيه، وامتناع التقديم في هذه الصور الثلاث مجمع عليه.

وإن كان العامل في المنقول فعلا متصرفا نحو: «طاب زيد نفسا» فقد قيل: بامتناع التقديم عليه أيضا، وهو مذهب سيبويه ومن وافقه (٢)، وعلى هذا يصح إطلاق امتناع تقديم التمييز على عامله كائنا ما كان، فلا يجوز تقديم المميز على عامله في صورة أصلا.

وذهب الكسائي والمازني والمبرد إلى جواز التقديم على العامل إذا كان فعلا متصرفا (٣). قال المصنف (٤): أجمع النحويون على منع تقديم التمييز على عامله إذا لم يكن فعلا متصرفا، فإن كان إياه نحو: «طاب زيد نفسا» ففيه خلاف، والمنع مذهب سيبويه، والجواز مذهب الكسائي والمازني والمبرد، وبقولهم أقول قياسا على سائر الفضلات المنصوبة بفعل متصرف، ولصحة ورود ذلك في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح، كقول بعض الطائيين:

١٩١١ - إذا المرء عينا قرّ بالأهل مثريا ... ولم يعن بالإحسان كان مذمّما (٥)

-


(١) سورة الرعد: ٤٣.
(٢) الكتاب (١/ ٢٠٥).
(٣) المقتضب (٣/ ٣٦)، والإنصاف (٢/ ٤٣٩)، والتذييل (٤/ ١١٦).
(٤) شرح التسهيل (٢/ ٣٨٩).
(٥) البيت من بحر الطويل وهو لقائل مجهول في الحكمة والأمثال يقول: إذا كان الإنسان مسرورا بأهله -

<<  <  ج: ص:  >  >>