للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[خلاف البصريين والكوفيين في العامل]]

قال ابن مالك: (والأحقّ [٢/ ٣٤٥] بالعمل الأقرب لا الأسبق خلافا للكوفيّين).

ــ

مرفوعا بالمعطوف والمعطوف عليه (١)، وهذا الكلام من المصنف غير مرض؛ فإن المبتدأ الطالب وقوع «منطلقان» خبرا عنه؛ إنما هو «زيد وعمرو» معا، ولا استقلال لأحد الاسمين بالابتدائية دون الآخر، وإذا كان كذلك فلم يتعدد العامل في الخبر؛ إنما العامل واحد، ويكفي دليلا على ما قلناه مع وضوحه، قول المصنف:

لأنهما يقتضيانه معا؛ لأنه أبان أن أحدهما بمفرده لا يقتضي الخبر المذكور (٢).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (٣): مذهب البصريين ترجيح إعمال الثاني على إعمال الأول، ومذهب الكوفيين العكس، وما ذهب إليه البصريون هو الصحيح؛ لأن إعمال الثاني أكثر في الكلام من إعمال الأول، وموافقة الأكثر أولى من موافقة الأقل، ومما يبين لك أن إعمال الأول قليل، قول سيبويه: ولو لم تجعل الكلام على الآخر لقلت: ضربت وضربوني قومك؛ وإنما كلامهم ضربت وضربني قومك (٤).

وهذا حكاية عن العرب بالحصر بإنما، وظاهره أنهم يلتزمون ذلك دون إجازة غيره، لكنه قال في الباب بعد هذه

العبارة بأسطار: وقد يجوز ضربت وضربني زيدا؛ لأن بعضهم قد يقول: متى رأيت أو قلت: زيدا منطلقا، والوجه: متى رأيت أو قلت: زيد منطلق (٥)؛ فدل نقل سيبويه مجردا عن الرأي على أن إعمال الثاني هو الكثير في كلام العرب، وأن إعمال الأول قليل، ومع قلته لا يكاد يوجد في غير الشعر، بخلاف إعمال الثاني؛ فإنه كثير الاستعمال في النثر والنظم، وقد تضمنه القرآن المجيد في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ (٦)، وقوله تعالى: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (٧)، وقوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا * (٨)، وقوله تعالى: تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ -


(١) سبق شرحه.
(٢) ينظر: التذييل (٣/ ١٢٧).
(٣) شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٦٧).
(٤) الكتاب (١/ ٧٦).
(٥) الكتاب (١/ ٧٩).
(٦) سورة النساء: ١٧٦.
(٧) سورة الكهف: ٩٦.
(٨) سورة المائدة: ١٠، ٦٨، سورة الحج: ٥٧، سورة التغابن: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>