للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[لو الشرطية معناها وما تختص به]]

قال ابن مالك: (لو حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه، واستعماله في المضيّ غالبا، فلذا لم يجزم بها إلّا اضطرارا، وزعم اطّراد ذلك على لغة، وإن وليها اسم فهو معمول فعل [مفسّر] بظاهر بعد الاسم، وربّما وليها اسمان مرفوعان، وإن وليها «أنّ» لم يلزم كون خبرها فعلا خلافا لزاعم ذلك).

قال ناظر الجيش: قال الإمام بدر الدين (١): «من حروف المعاني «لو» وهي في الكلام على ضربين: موصولة وشرطية؛ فالموصولة هي التي تأتي مع الفعل في تأويل مصدر كما في قوله تعالى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ (٢) وقد تقدم ذكرها. وأما الشرطية فهي لتعليق ما امتنع لامتناع شرطه فتقتضي جملتين ماضيتين الأولى [منهما] مستلزمة للثانية، لأنها شرط والثانية جوابه، وتقتضي أيضا امتناع الشرط لأنه لو ثبت لثبت جوابه، وكان الإخبار بذلك إعلاما بإيجاب لإيجاب، لا بتعليق ما امتنع لامتناع شرطه فتخرج «لو» عن معناها، ولا تقتضي امتناع الجواب في نفس الأمر ولا ثبوته لأنه لازم، والشرط ملزوم، ولا يلزم من انتفاء الملزوم انتفاء اللازم، بل إن كان مساويا للشرط امتنع بامتناعه كما في نحو: لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا، وإن كان أعم من الشرط لم يلزم أن يكون ممتنعا في نفس الأمر لامتناع شرطه بجواز كونه لازما لأمر ثابت فيكون هذا نصّا ثابتا لثبوت ملزومه كما في قولك: لو ترك العبد سؤال ربه لأعطاه، فإن تركه السؤال محكوم بكونه مستلزما للعطاء، وبكونه ممتنعا والعطاء محكوم بثبوته على كل حال، والمعنى أن إعطاءه حاصل مع ترك السّؤال فكيف مع السؤال؟ وكما في قول عمر رضي الله عنه: «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» (٣) فإن عدم الخوف محكوم بكونه مستلزما لعدم المعصية، وبكونه ممتنعا وعدم المعصية [٥/ ١٨٠] محكوم بثبوته، لأنه إذا كان ثابتا على تقدير ثبوت عدم الخوف فالحكم بثبوته على تقدير الخوف أولى، وكما في قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ -


(١) انظر شرح التسهيل لبدر الدين (٤/ ٩٤).
(٢) سورة البقرة: ٩٦.
(٣) انظر حلية الأولياء (١/ ١٧٧) وحاشية الأمير على المغني (١/ ٢٠٦) وقال العلامة الأمير: «فتش العلماء فلم يجدوا لهذا مخرجا عن عمر ولا عن غيره وإن اشتهر بين النحاة، نعم ورد نحوه مرفوعا في حق سالم مولى أبي حذيفة: أن سالما شديد الحب لله عز وجل لو كان لا يخاف الله ما عصاه خرجه أبو نعيم في الحلية» اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>