للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[الفصل بين العاطف والمعطوف]]

قال ابن مالك: (وقد يفصل بين العاطف والمعطوف إن لم يكن فعلا بظرف أو جارّ ومجرور، ولا يختصّ بالشّعر، خلافا لأبي عليّ، وإن كان مجرورا أعيد الجارّ أو نصب بفعل مضمر).

ــ

إلى آخره ... وهذا أيضا يقتضي أن لا يجوز عطف الاسم على الفعل في غير ما ذكره. وقد قال الله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ (١).

ولا شك أن «يخرج» كلام مستأنف وليس خبرا ولا حالا ولا صفة ولا في موضع مفعول ثان لشيء من باب ظننت ولا في موضع ثالث لشيء من باب أعلمت.

وإذا تقرر هذا علم أن عبارة المصنف في ذلك أسد مع ما اشتملت عليه من الاختصار لأنه إنما اشترط اتحاد جنس الأول والثاني بالتأويل وعلى هذا فـ «يقبضن» هو المؤول وكذا «أثرن» وكذا «مخرج» كما تقدم من كلام المصنف رحمه الله تعالى.

وليعلم أن الجملة إذا كانت في تأويل مفرد جاز عطفها عليه؛ قال الله تعالى:

وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٢). وقد ذكر الشيخ عن بعضهم أنه خالف في عطف الفعل على الاسم (٣)، ومثل هذا الخلاف لا يعبأ به؛ كيف وقد ثبت العطف في الكتاب العزيز.

قال ناظر الجيش: قال المصنف (٤): جعل أبو علي الفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف والجار والمجرور مخصوصا بالشعر واستدل بقول الأعشى:

٣٣٧٤ - يوما تراها كشبه أردية العص ... ب ويوما أديمها نغلا (٥)

وهو جائز في أفصح الكلام المنثور إن لم يكن المعطوف فعلا ولا اسما مجرورا وهو في القرآن كثير، كقوله تعالى: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٦)، وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ -


(١) سورة الأنعام: ٩٥.
(٢) سورة الأعراف: ٤.
(٣) التذييل (٤/ ١٨١).
(٤) شرح التسهيل (٣/ ٣٨٤).
(٥) البيت من المنسرح - ديوانه (ص ١٥٥)، والخصائص (٢/ ٣٩٥، ٣٩٦)، وشرح العمدة (٢/ ٦٣٦) واللسان: أدم، خمس، نغل والمقرب (١/ ٢٣٥).
(٦) سورة البقرة: ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>