ومثل الشواهد السابقة أيضا قول الفند الزماني (شرح ديوان الحماسة ١/ ٣٢). صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا القوم إخوان عسى الأيام أن يرجعن ... قوما كالذي كانوا وفي هذه الشواهد وأمثالها يقول أبو حيان (التذييل والتكميل: ٣/ ٣٠) قال الأخفش: يكون الذي للواحد وللجمع بلفظ واحد كمن. قيل: ومنه: «والّذي جاء بالصّدق وصدّق به، كمثل الّذي استوقد نارا». فعلى مذهب الأخفش الذي لا يكون المراد به الجمع محذوفا منه النون بل هو من المشترك بين الواحد والجمع ولو كان مثل «من» على ما ذهب إليه الأخفش لجاز أن يكون أيضا للمثنى فيعود عليه الضمير مثنى فتقول: جاءني الذي ضربا زيد وهذا غير مسموع. ويقول الدكتور محمد يسري زعير في هذا الموضع: (أسرار النحو ١/ ٢٤٣): «وخلاصة ذلك أن الذي اسم موصول وهو من قبيل الموصول المشترك بين المفرد والجمع كما سبق عن الأخفش وهشام، ومن ثم عاد الضمير عليه مفردا تارة كما في: استوقد وحوله وجمعا تارة أخرى كما في: بنورهم، و: تركهم فهي مثل من في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: ٨] هذا رأي النحاة القدامى والمحدثين». وأرى: أن هذا اختلاط في اللغة واستعمال الكلمة في غير ما وضعت له؛ فقد وضعت العرب الذي للمفرد والذين للجمع، فيجب اتباع ذلك، وما عداه يحكم عليه بالخطأ والمخالفة لما ورد. وأما هذه الأبيات الشعرية المسموعة فيجب البحث عن تخريج يخرجها على ما جاء وورد عن العرب، وفي اللغة متسع للتخريج وليس فيها متسع للاختلاط ودخول معنى كلمة على معنى أخرى. (١) في نسخة (ب): وبالحقيقة، وكذا ما بعده.