للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[تعدد المستثنى منه]]

قال ابن مالك: (وإذا أمكن أن يشترك في حكم الاستثناء مع ما يليه غيره لم يقتصر عليه إن كان العامل واحدا وكذا إن كان غير واحد والمعمول واحد في المعنى).

قال ناظر الجيش: هذا إشارة إلى القسم الثاني: وهو الذي لا يمتنع فيه الاستثناء من شيئين معا، فـ (ما) في قوله: مع ما يليه بمعنى: الذي، والضمير المنصوب في يليه عائد عليها وكذا الضمير في (غيره) وفي (عليه)، وفاعل (يليه) عائد على الاستثناء، والتقدير: وإذا أمكن أن يشترك في حكم الاستثناء مع الذي يليه الاستثناء غير الذي وليه الاستثناء لم يقتصر عليه، بل يشاركه ما قبله. وهذه العبارة تشمل ما يكون المذكور فيه مع المستثنى شيئين أو أكثر، ثم إنه إذا أمكن الاشتراك فقد لا يمنع من الحمل عليه مانع وقد يمنع منه مانع، وقد تعرّض المصنف لتمثيل القسمين فقال (١):

إذا ذكر شيئان أو أكثر والعامل واحد، فالاستثناء معلق بالجميع إن لم يمنع مانع نحو: اهجر بني فلان وبني فلان إلا من صلح، فـ (من صلح) مستثنى من الجميع؛ إذ لا موجب للاختصاص فلو ثبت موجب عمل بمقتضاه نحو: لا نحدث النساء ولا الرجال إلا زيدا، وقد تضمنت الأمرين آية المائدة حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ...

إلى: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ (٢) فاشتملت على ما فيه مانع وهو وَما أُهِلَّ وما قبله، وعلى ما لا مانع فيه وهو ما بين (به) و (إلا) فـ ما ذَكَّيْتُمْ مستثنى من الخمسة إذا كانت تذكيته سبب موته. انتهى كلامه فيما العامل فيه واحد.

قال الشيخ - بعد نقل كلام المصنف هذا -: وينبغي أن يكون الحكم كذلك إذا كرر العامل لمجرد التوكيد نحو: اهجر بني فلان وبني فلان إلا من كان صالحا. انتهى (٣).

ثمّ قال المصنف - مشيرا إلى صحة الصورة الّتي يتعدّد العامل فيها -: ويتعلّق الاستثناء أيضا بالجميع إن كان قبله جملتان أو أكثر، والعامل غير واحد، والمعمول واحد في المعنى نحو قوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ... (٤) إلى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا (٥). -


(١) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٩٤).
(٢) سورة المائدة: ٣.
(٣) انظر التذييل والتكميل (٣/ ٥٨٣).
(٤) سورة النور: ٤.
(٥) سورة النور: ٥. والشاهد فيهما - على رأي ابن مالك -: أن الاستثناء في قوله: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا من الجمل السابقة؛ لأنها في معنى معمول واحد، وإن كان العامل فيها ليس واحدا، وهذه الجمل هي -

<<  <  ج: ص:  >  >>