للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[الاستغناء ببعض أبنية القلة عن بعض أبنية الكثرة والعكس]]

قال ناظر الجيش: (وربّما استغني بما (لإحداهما) عمّا للأخرى وضعا أو استعمالا، لا اتّكالا على قرينة).

ــ

الغرف انهدمن، والظّلم انجلين، والنعم أفاضهن الله، وأما قوله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً (١)، وقوله تعالى: لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ (٢)؛ فلا يعترف به فيقال: إن نعما وغرفا عوملا معاملة المفرد؛ لأن ذلك يرجع إلى باب آخر، وهو أن جمع (الأبنية) الغائب غير العاقل يعامل معاملة الغائبة (٣) ومعاملة الغائبات، ولبطلان قول الفراء في هذه الأبنية قال المصنف: بل هن وسائر الأمثلة الآتي ذكرها لجمع الكثرة.

قال ناظر الجيش: قال في شرح الكافية: وقد يستغنى ببعض أبنية القلة عن بعض أبنية الكثرة، وببعض أبنية الكثرة عن بعض أبنية القلة، فالأول كرجل وعنق وأعناق، وفؤاد وأفئدة، والثاني كرجل ورجال، وقلب وقلوب، وصرد وصردان (٤)، انتهى. وهذه المذكورات ممّا استغني بما لإحداهما عمّا للأخرى وضعا قوله، إذ لم يوضع غيرها، وأما الاستغناء استعمالا فقال الشيخ: مثال ذلك قوله تعالى: ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (٥)؛ وذلك أن القرء يجمع جمع قلة على أقرأء، وجمع كثرة على قروء، وقد استعمل في الآية الشريفة بلفظ جمع الكثرة اتكالا على القرينة، والقرينة هنا ذكر الثلاثة؛ ففهم من الثلاثة القلة. (٦) انتهى. ولك أن تقول: قد كان يجب على الشيخ كما مثّل للاستغناء بجمع الكثرة عن جمع القلة في الاستعمال أن يمثل لعكس ذلك، وهو الاستغناء بجمع القلة عن جمع الكثرة في الاستعمال - أيضا - ليحصل التقابل فيما هو في الاستعمال كما حصل فيما هو في الوضع، على أن المصنف ذكر في باب العدد أن سبب العدول في الآية الشريفة عن أقراء إلى قروء أن المفرد منه قرء بفتح الفاء، وقياس فعل الاسم الصحيح العين إذا جمع جمع قلة: أفعل كفلس وأفلس، ولكنّه إنما جمع على أفعال، فقيل: أقراء؛ ولا شك أن ذلك خلاف القياس، -


(١) سورة لقمان: ٢٠.
(٢) سورة الزمر: ٢٠.
(٣) كل ذلك منقول من التذييل (٦/ ٣) (ب).
(٤) شرح الكافية (٤/ ١٨١١).
(٥) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٦) التذييل (٦/ ٣) (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>