للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]]

قال ابن مالك: (ولا يعمل ما بعد «إلّا» فيما قبلها مطلقا، ولا ما قبلها فيما بعدها إلّا أن يكون مستثنى، أو مستثنى منه، أو تابعا له، وما ظنّ من غير الثلاثة معمولا لما قبلها قدّر له عامل خلافا للكسائي في منصوب ومخفوض، وله ولابن الأنباري في مرفوع).

ــ

والمعنى بخلاف ذلك، و (فعلت) الواقع بعد (إلّا) مؤول أيضا بالمصدر، والتقدير - كما بيّنه المصنف -: ما أسألك إلّا فعلك، قال بعضهم: وجاز ذلك هنا؛ لأنّ باب القسم قد اتّسع فيه لكثرته في الكلام، فجاز فيه ما لا يجوز في غيره (١).

قال ناظر الجيش: الاستثناء في حكم جملة مستأنفة؛ لأنّك إذا قلت: جاء القوم إلّا زيدا، فكأنّك قلت: جاء القوم ما منهم زيد، فمقتضى هذا ألّا يعمل ما بعد (إلّا) فيما قبلها، ولا ما قبلها فيما بعدها (٢) على الإطلاق، فاستمرّ على ما اقتضته هذه المناسبة من منع إعمال ما بعدها فيما قبلها نحو: ما زيد إلّا أنا ضارب، فلا يجوز إعمال (ضارب) في (زيد) لذلك؛ بل رفع (زيد) بالابتداء (٣)، ويقدّر العائد على المبتدأ من (ضارب) محذوفا، وكذلك استمرّ على ما اقتضته المناسبة، من منع إعمال ما قبلها فيما بعدها، إلّا فيما لا مندوحة عنه، من إعمال ما قبلها في مستثنى فرّغ له العامل، نحو: ما قام إلّا زيد، أو مستثنى منه، نحو: ما -


(١) في المساعد لابن عقيل (١/ ٥٨٢) تحقيق د/ بركات: «ومعنى (أنشدك الله إلا فعلت): ما أسألك إلا فعلك، ولولا أنه محمول على هذا لما صح؛ لأنه كلام موجب، فقياسه ألا تدخل (إلا)؛ لأنه مفرغ، ولا يتكلم بالفعل بعده، لعدم النفي لكنه حمل على المعنى، فصورته واجب، والمعنى على النفي المحصور فيه المفعول، وقدر الفعل بالمصدر بلا سابك، لضرورة افتقار المعنى إلى ذلك فهو نظير:
قمت حين قام زيد وأمثاله، ويقال: نشدتك الله: أي: سألتك بالله، ونشدتك فلانا أنشده نشدا، إذا قلت له: نشدتك الله». اه.
(٢) في المساعد لابن عقيل (١/ ٥٨٢): «أي في جميع الأحوال بخلاف عمل ما قبلها فيما بعدها؛ فإنه يصلح في المسائل الثلاث التي سيذكرها، وفي غيرها عند من أجازه» ا. هـ.
(٣) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٠٤)، والتذييل والتكميل (٣/ ٦٢٢) وفيه: «وقال الرماني: لا يعمل ما بعد (إلا) فيما قبلها، كقولك: ما قومك
زيدا إلا ضاربون؛ لأن تقدم الاسم الواقع بعد (إلا) عليها غير جائز، فكذلك معموله؛ لما تقرر أن المعمول لا يقع إلا حيث يقع العامل، إذا كان تابعا له، وفرعا عليه، فإن جاء ذلك في الشعر أضمر له فعل من جنس المذكور». اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>