للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

قال ابن مالك: (فصل: لزمت «كم» التصدير، وبنيت في الاستفهام، لتضمّنها معنى حرفه، وفي الخبر لشبهها بالاستفهاميّة لفظا ومعنى، وتقع في حالتيها مبتدأ، ومفعولا، ومضافا إليها، وظرفا، ومصدرا).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (١): أداة الاستفهام منبّهة للمستفهم منه، ومؤذنة بحاجة المستفهم، إلى إبداء ما عنده، فنزلت ممّا في حيّزها منزلة حرف النداء من المنادى في استحقاقه التقدم، فلذلك امتنع تأخيرها، والتزم تصديرها، ولا فرق في ذلك بين (كم) وغيرها، فلذلك وجب رفع صاحب الضمير في نحو: «زيد كم ضربته؟» كما وجب في نحو: «زيد أين لقيته؟» و «بشر متى رأيته؟» والخبريّة جارية مجرى الاستفهاميّة في وجوب التصدير، فلذلك لا يجوز في نحو: «زيد كم دراهم أعطيته» إلّا الرفع، وهي أيضا مساوية لها في وجوب البناء لتساويهما في مشابهة الحرف وضعا وإبهاما.

وتنفرد الاستفهامية بتضمّن معنى حرف الاستفهام، والخبرية بمناسبة (ربّ) إن قصد بها التكثير، وبمقابلتها إن قصد بها التقليل، وهو الغالب على (ربّ)، ووقوع (كم) في حالتيها (٢) مبتدأ (٣) ومفعولا (٤)، ومضافا إليها (٥)، كقولك: -


(١) انظر شرح التسهيل (٢/ ٤١١).
(٢) أي: الاستفهام والخبر، وفي التذييل والتكميل (٤/ ٣٨٢): «أخذ المصنف في ذكر محالها من الإعراب؛ لئلا يتوهم أنها لما أشبهت (رب) كانت حرفا».
(٣) من استعمالها مبتدأة قول العرب: كم رجل أفضل منك، برفع (أفضل)، ولا يقولون رب رجل أفضل منك في فصيح الكلام. ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٣٨٢).
(٤) في التذييل والتكميل (٤/ ٣٨٧): «يريد: ومفعولا به، سواء تعدى الفعل إليه بحرف جر، أو بنفسه، مثال ما وصل إليه الفعل بنفسه: كم غلاما اشتريت؟ وكم غلام اشتريت، فموضع (كم) نصب على المفعول به، وكأنك قلت: عشرين غلاما اشتريت أم ثلاثين؟ وكثيرا من الغلمان
اشتريت، والدليل على أن (كم) مفعول بها أن (اشتريت) فعل متعد إلى واحد، وهو مفرغ للعمل في (كم)؛ لأنه لم يشتغل بغيرها فوجب لذلك أن يحكم عليها بأنها في موضع نصب على المفعول بـ (اشتريت)؛ لأنك لو لم تفعل ذلك لكنت قد هيأت العامل للعمل وقطعته عنه، وذلك غير جائز، ومثال وصول الفعل بحرف جر: على كم مسكين تصدقت؟ أو تصدقت.
(٥) في المرجع السابق، الصفحة نفسها: «مثاله: غلام كم رجل ضربت، ورقبة كم أسير فككت».

<<  <  ج: ص:  >  >>