للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب الخامس والثلاثون باب «أفعل» التّفضيل

[[تعريفه وصياغته وشروط صياغته]]

قال ابن مالك: (يصاغ للتّفضيل موازن «أفعل» اسما، ممّا صيغ منه في التّعجّب فعلا، على نحو ما سبق من اطّراد وشذوذ، ونيابة «أشدّ» وشبهه، وهو هنا اسم ناصب مصدر المحوج إليه تمييزا، وغلب حذف همزة «أخير، وأشر» في التّفضيل وندر في التعجّب).

قال ناظر الجيش: لم يحدّ المصنف «أفعل» التّفضيل، وحدّه غيره فقال: هو ما اشتقّ من فعل الموصوف بزيادة على غيره، قال: فيدخل في (ما اشتقّ من فعل):

اسم الفاعل، واسم الزمان والمكان، وقوله: (الموصوف) يخرج الزمان والمكان، وقوله: (بزيادة على غيره) يفصله عمّا عداه (١). انتهى، وهو حدّ جيد، إلّا أنّ قوله: (اشتقّ من فعل) فيه مناقشة؛ لأنّ الاشتقاق إنما هو من

المصدر، فالصفات كالأفعال في أنّها مشتقة مما اشتقّ الفعل منه، هذا هو المذهب الحقّ (٢).

ثمّ قال المصنف: قد تقدم أنّ «أفعل» المتعجّب به مناسب أفعل التفضيل وزنا ومعنى، وأنّ كلّ واحد منهما محمول على الآخر فيما هو أصل فيه، ومن أجل مناسبتهما سوّت العرب بينهما، في أن يصاغ كلّ منهما ممّا يصاغ منه الآخر، وألا يصاغ مما لا يصاغ منه؟

وقد تبين في التعجب أن فعله لا يبنى دون شذوذ إلا من فعل ثلاثيّ مجرّد، تامّ، مثبت، متصرّف، قابل معناه للكثرة غير مبنيّ للمفعول، ولا معبّر عن فاعله بأفعل فعلاء.

فكذلك أفعل التفضيل لا يبنى دون شذوذ إلّا من فعل مستوف القيود المذكورة (٣) -


(١) هو حد جيّد؛ لأنه جامع مانع مختصر، ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٧٠١)، وفي شرح التصريح (٢/ ١٠٠): (وهو الوصف المبني على «أفعل» لزيادة صاحبه على غيره في أصل الفعل) اهـ.
(٢) وهو مذهب البصريين، فإنهم يرون أنّ المصدر أصل الفعل، وأصل جميع المشتقات؛ لأن المصدر بسيط لدلالته على الحدث غير مقترن بزمان، والفعل يدل على الحدث مقترنا بالزمان.
(٣) في شرح الكافية الشافية لابن مالك (٢/ ١١٢١) قال: (فيمتنع بناء التفضيل ممّا ليس ثلاثيّا، كانطلق ودحرج، وما ليس متصرفا كنعم وبئس، وما ليس تامّا كظل وصار، وما لا يقبل التفاوت كمات وفني، ومن مبني للمفعول غير مأمون اللبس كضرب، ومن ملازم للنفي نحو: ما عجبت به، ومن مدلول على فاعله بأفعل كعمي وعرج ولمي ودعج، كما امتنع بناء فعل التعجب منها).

<<  <  ج: ص:  >  >>