للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[من أحكام التوكيد المعنوي]]

قال ابن مالك: (ولا يتّحد توكيد معطوف ومعطوف عليه إلّا اتّحد معنى عامليهما، وإن أفاد توكيد النّكرة جاز وفاقا للأخفش والكوفيّين، ولا يحذف المؤكّد ويقام المؤكّد مقامه على الأصحّ، ولا يفصل بينهما بـ «إمّا» خلافا للفرّاء، وأجرى في التّوكيد مجرى كلّ ما أفاد معناه من الضّرع والزّرع والسّهل والجبل واليد والرّجل والظّهر والبطن).

قال ناظر الجيش: هذا الكلام مشتمل على خمس مسائل:

الأولى:

أنه لا يجوز اتحاد توكيد المتعاطفين المتعددي العامل إلا إذا كان معنى العاملين فيهما متحدا. قال المصنف: قال أبو الحسن: اعلم أن قولهم مات زيد وعاش عمرو كلاهما ليس بكلام لأنهما لم يشتركا في أمر واحد فلو قلت: انطلق زيد وذهب عمرو كلاهما جاز لأنهما قد اجتمعا في أمر واحد. لأن معنى ذهب وانطلق واحد غير أن رفع كليهما بأحد الفعلين لأنه لا يعمل شيئان في شيء واحد (١). قال الشيخ:

لم نقف من كلام العرب على مجيء التوكيد لمختلف العامل وإن اتفق معناه والذي تقتضيه القواعد المنع فكما لا يجتمع عاملان على معمول واحد كذلك لا يجتمعان على تابع المعمول فإذا ارتفع زيد بانطلق وعمرو بذهب فكيف

يرتفع كلاهما بالفعلين الرافعين لفاعليهما (٢)، انتهى.

وعجبا من الشيخ في منعه لذلك معللا له بأنه لا يجوز اجتماع عاملين على معمول. وقد قدم في باب التابع أن العامل في التوكيد معنوي وهو التبعية لما جرى عليه وقال: إنه اختيار أكثر المحققين ثم إنه ناقض ذلك هنا فجعل العامل في التوكيد هو العامل في متبوعه.

وبعد: فالظاهر الجواز كما ذكر المصنف، لأن العامل إن كان معنويّا فلا كلام. وإن كان العامل في المتبوع فالعامل أحد الفعلين لأن معناهما واحد فكان أحدهما كافيا. -


(١) شرح التسهيل (٣/ ٢٩٥) والمصدرين السابقين.
(٢) التذييل (٧/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>