للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[من أغراض التوكيد المعنوي]]

قال ابن مالك: (ومجيئه في الغرض الثّاني تابعا لذي أجزاء يصحّ وقوع بعضها موقعه مضافا إلى ضميره بلفظ «كلّ» أو «جميع» أو «عامّة» وقد يستغنى بـ «كليهما» عن «كلتيهما» وب «كلهما» عنهما وبالإضافة إلى مثل الظّاهر المؤكّد بـ «كل» عن الإضافة إلى ضمير، ولا يستغنى بنيّة إضافته، خلافا للفرّاء (١) والزّمخشري (٢) ولا يثنّى «أجمع» ولا «جمعاء» خلافا للكوفيين ومن وافقهم).

قال ناظر الجيش: تقدم أن التوكيد المعنوي يجاء به لغرضين: أحدهما: رفع توهم إضافة إلى المتبوع، والثاني: رفع توهم إرادة الخاص باللفظ العام. فلما أشار إلى ما يفيد الغرض الأول شرع في الإشارة إلى ما يفيد الغرض الثاني، ولا شك أن الذي يفيد هذا الغرض خمسة ألفاظ تقدم له منها ذكر لفظين وهما: كلا وكلتا، وها هو قد ذكر الثلاثة الأخر وهي كل وجميع وعامة، وألفاظ التوكيد الباقية يؤتى بها تابعة لكل كما سيأتي إلا أن منها ما يجوز استعماله غير تابع وهو التكثير ومنه قوله تعالى:

وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها (٣) ومعلوم أنه تعالى لم يره جميع آياته.

واعلم أنه لا يؤكد بهذه الألفاظ إلا معرفة مبعضة بالنسبة إلى عمل العامل ويعتبر ذلك بجعل بعضها في موضعها فإن صح صح التوكيد وإن امتنع امتنع، فقولك:

جاء القوم كلهم صحيح لصحة قولك: جاء بعض القوم، وقولك جاء زيد كله ممتنع لامتناع قولك: جاء بعض زيد بخلاف رأيت زيدا كله ونحوه؛ لأن العامل صالح للإسناد إلى بعض زيد فالمعرفة متبعضة بالنسبة إليه لا بالنسبة إلى ذاتها، وحاصله أن المعرفة إما مبعضة بذاتها وإما بالنسبة إلى عاملها ولا بد من إضافة كل من الألفاظ الخمسة المذكورة إلى ضمير المؤكد بكلا إلى ضمير المثنى لمذكر وكلتا إلى ضمير المثنى المؤنث وكله لمفرد وكلها لمؤنث ولجمع مذكر غير عاقل نحو: قبضت الدراهم كلها، ولجمع مذكر عاقل إذا كان مكسرا أو مجموعا بالألف والتاء وكلهم لجمع مذكر عاقل مسلم وكلهن لجمع المؤنث، العاقل، ويجوز فيه كلها كما يجوز في -


(١) التصريح (٢/ ١٢٢، ١٢٣) والكشاف (٤/ ١٣٣).
(٢) المصدرين السابقين.
(٣) سورة طه: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>