للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأنك إذا قلت: قام الزيدون كلهم، جاز أيضا أن تعني بذلك البعض وأكدت بكل مبالغة فإذا قلت: أجمعون زال ذلك الاحتمال وكذا ما بقي من ألفاظ التوكيد يتطرق إليه الاحتمال تطرقا ضعيفا، فإذا استوفيت ألفاظ التوكيد حينئذ زال ذلك الاحتمال وعلم أن المقصود العموم، وإذا قلت: اختصم الزيدان لم يتصور احتمال أصلا أن المراد أحدهما (١). ومثل المصنف هذه المسألة بجلست بين الرجلين كليهما وضربت أحد الرجلين كليهما، حيث قال: ولا يمتنع عندي ضربت أحد الرجلين كليهما لأن فيه فائدة وذلك أن موضع الرجلين صالح للعموم فيمكن توهم السامع أن المتكلم قصد الجمع فغلط فوضع المثنى موضعه فبذكر كليهما يزول ذلك التوهم فلم يخل من فائدة، وأيضا فإن موضع الرجلين صالح للفرسين والبعيرين وغير ذلك فلا يمتنع توهم السامع قصد المتكلم شيئا من ذلك ما لم يأت بكليهما أو نعت يقوم مقامه، فإذا جاء بكليهما علم اعتناؤه بما ذكر قبله وأنه قاصد اعلام السامع بصحة العبارة ونفي الغلط. انتهى. وفي ما قاله أمران:

الأول: أن الاحتجاج الذي ذكره لا يتجه، فإن التأكيد بكلا وكلتا وأخواتهما إنما يؤتي به لرفع توهم إرادة بعض ما وضع له اللفظ كما عرف لا لرفع توهم إرادة العموم، وأما إذا قصد رفع توهم الغلط فإنما يؤتى بالتأكيد اللفظي أو بشيء آخر يفيد ذلك إذ التأكيد المعنوي لا يرفع [٤/ ١٠٦] به التوهم الذي أشار إليه. الأمر الثاني:

أن ابن عصفور ذكر أنه لا يجوز توكيد ما ليس بمقصود للمخبر من الكلام، نحو:

ضربت عبد الزيدين كليهما لأنك لم تقصد الإخبار عن الزيدين، قال: فلو أكدتهما لكنت كالمناقض لأنك من حيث أكدتهما ينبغي أن تكون قاصدا نحوهما ومن حيث لم تنو الإخبار عنهما لم يكونا مقصودين (٢) انتهى.

والمسألة محل نظر. وفي شرح الشيخ: أن مثل ذلك لم يسمع ولا يحفظ عن عربي قط شيء منه (٣).


(١) شرح الجمل (١/ ٢٧٠، ٢٧١).
(٢) شرح الجمل (١/ ٢٧٤).
(٣) التذييل (٧/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>