للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضعف. ذكر ذلك الأخفش في «المسائل» (١) وعنه احترز بقوله: غالبا.

الحكم الثاني: جواز جرهما بباء زائدة نحو جاء زيد بنفسه ورأيت عمرا بعينه، ولا يجوز ذلك في غيرها من ألفاظ التوكيد؛ فأما قول العرب: جاءوا بأجمعهم بضم الميم وفتحها ففيه معنى التوكيد وليس من ألفاظه إذ لو كان منها لجاز استعماله بلا باء بل كان ترك الباء أكثر كما كان في النفس والعين. وأجمعهم هذا كذا مضافا غير مستعمل توكيدا.

وأما قول المصنف: ولا يؤكد مثنى بغيرهما إلا بكلا وكلتا إلى آخره ..... فاعلم أن كلا وكلتا إنما يؤكد بهما في الغرض الثاني فكان الواجب أن يؤخر الكلام عليهما إلى أن يذكر الألفاظ التي يؤكد بها في ذلك [الغرض]، لكنه لما ذكر أن النفس والعين يؤكدان المثنى في الغرض الأول ولم يكن المثنى في الغرض الثاني يؤكد بغير كلا وكلتا ذكرهما ليكون مستوفيا الألفاظ المستعملة توكيدا له ولما ذكرهما لهذا القصد استطرد فذكر حكما متعلقا بهما وهو أنهما قد يؤكدان ما لا يصح في موضعه واحد. أما كون المثنى لا يؤكد في الغرض الثاني إلا بكلا في التذكير وكلتا في التأنيث فهو مذهب البصريين، والعمدة فيه استعمال العرب. وحاصل الأمر الاستغناء بهما في ذلك عن غيرهما كما حصل الاستغناء في غير هذا الباب بلفظ عن آخر يؤدي معناه. وأما كونهما يجوز أن يؤكد بهما ما لا يصح في موضعه واحد فقد رآه المصنف وذكر أن الأخفش لا يجيزه. وذكر ابن عصفور أن ذلك ممتنع وأن الأخفش يجيزه (٢) فاختلف النقل عنه.

وذكر الشيخ أن الفراء وهشاما وأبا علي ذهبوا إلى المنع (٣) وأن الجمهور ذهبوا إلى الجواز وذلك نحو قولك:

اختصم الرجلان كلاهما، احتج المانع بعدم الفائدة إذ لا يجوز أن يراد بالرجلين أحدهما فيدفع هذا الاحتمال بتوكيد. قال ابن عصفور:

وحجة الأخفش في إجازة ذلك أنه يجعله بمنزلة التأكيد بعد التأكيد وذلك فاسد، -


(١) ينظر الارتشاف (٢/ ٦٠٨) والتذييل (٧/ ٢٩١).
(٢) شرح الجمل (١/ ٢٧٠).
(٣) التذييل (٧/ ٢٩١)، وينظر الارتشاف (٢/ ٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>