للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]]

قال ابن مالك: (فإن كان المستثنى بـ «إلّا» متصلا، مؤخّرا عن المستثنى منه المشتمل عليه نهي أو معناه، أو نفي، صريح أو مؤول، غير مردود به كلام، تضمّن الاستثناء اختير فيه - متراخيا - النصب، و - غير متراخ - الإتباع إبدالا عند البصريين، وعطفا عند الكوفيين).

ــ

ويمكن الجواب عنه بأن يقال: لا تسلم أنّ مدلول (إلّا) الثانية، في هذا التركيب مدلول (إلّا) الأولى، فيلزم ما قاله، ولو كان مدلولها كالأولى وجب العطف، ونحن نعقل الفرق بين قولنا: قاموا إلّا زيدا إلّا عمرا، وقولنا: قاموا إلّا زيدا، وإلّا عمرا؛ لأن (إلّا) - مع العطف - أخرجت زيدا وعمرا من القوم، فمدلول الأولى والثانية واحد (١)، ولذا احتيج إلى العطف، وأمّا مع عدم العطف فليس مدلولها واحد؛ لأنّ الثانية أخرجت عمرا من قوم ليس زيد منهم، ولا يلزم ما ذكره المصنف، وليعلم أنّ صاحب الكتاب وغيره ذكروا الخلاف في المسألة، ولم يفرقوا بين المتّصل (٢)، وقال ابن الحاجب - بعد ذكر الخلاف وتقريره: وإنّما هذا في الاستثناء المتّصل، فامّا المنقطع فالعامل فيه نفس (إلّا)؛ لأنّها تعمل عمل (لكن) ولها خبّر مقدّر على حسب المعنى (٣)، ومنهم من يقول: إنّه يظهر (٤) ومنهم من يجعله إذا كلاما مستأنفا. اه.

وقد تقدّم أنّ تقدير (إلّا) بـ (لكن) في المنقطع، هل هو تفسير معنى، أو على أنّ (إلّا) قامت مقامها لفظا، والأوّل (٥) أظهر؛ فعلى هذا لا فرق بين المتّصل والمنقطع، بالنسبة إلى ما يدعى كونه عاملا، وقد صرّح سيبويه بذلك.

قال ناظر الجيش: تقدّم أنّ المستثنى بـ (إلّا)، إذا ذكر المستثنى منه ينصب مطلقا، وأنّه قد يشارك النصب في بعض الصّور، والغرض الآن تبيّن مواضع -


(١) ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ١٩١).
(٢) ينظر: المرجع السابق، نفس الصفحة.
(٣) ينظر: الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (١/ ٣٦٣) تحقيق د/ موسى بناي العليلي.
(٤) أي قد يجيء خبرها ظاهرا، نحو قوله تعالى: ... إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ. [يونس: ٩٨]. ينظر: الإيضاح في شرح
المفصل (١/ ٣٦٣)، والأصول لابن السراج (١/ ٢٩١).
(٥) كونه تفسير معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>