[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]
قال ابن مالك:(وإن كرّرت لغير توكيد، ولم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض شغل العامل ببعضها إن كان مفرّغا، ونصب ما سواه وإن لم يكن مفرّغا، فلجميعها النّصب إن تقدمت، وإن تأخّرت فلأحدهما ما له مفردا، وللبواقي النصب وحكمها في المعنى حكم المستثنى الأول).
ــ
إضراب انتقال لا إضراب إبطال. قال الشيخ: ولا يتعين هنا الإضراب، بل يجوز أن يكون إبدالا صحيحا لا على جهة الغلط ولا على جهة الإضراب؛ لأنّ الوصف الثّاني هو الأول في المعنى؛ لأنّه أراد بذكر الوصف شرفهم على الناس (١). انتهى.
والذي قاله ظاهر ويصير المعنى به أبلغ، ثم ليعلم أنّ في عبارة المصنف في قوله:
تكرر (إلّا) بعد المستثنى بها توكيدا فيبدل ما يليها ممّا يليه إن كان مغنيا عنه وإلّا عطف بالواو - نظرا لأنّ ظاهرها أنّ الإبدال والعطف رتّبا على دخول (إلّا)، وليس كذلك بل الإبدال والعطف متصوّران أولا، ولمّا قصد التوكيد أتى بـ (إلّا) قبل البدل وقبل المعطوف، ولو قال: تكرّر (إلّا) مع البدل والمعطوف كان أوضح وأبين، وقد فهم من تقرير أنّ البدل والعطف متصوّران قبل دخول (إلّا)، أنّ دخولها جائز لا واجب فيجوز: ما مررت إلّا بأخيك زيد، وما قام إلّا زيد وعمرو، وهو الأصل، وفي قول المصنّف: تكرّر (إلّا) توكيدا إشعار أيضا بأنّها لا تتحتّم لأنّ التوكيد غير لازم.
قال ناظر الجيش: لمّا ذكر (إلّا) المأتي بها بعد المستثنى بها توكيدا شرع في ذكر (إلّا) المأتي بها لا لتوكيد؛ بل لقصد الاستثناء كما قصد بالأولى، وهذه - أعني المأتيّ بها مقصودا بها استثناء - إمّا أن يكون المستثنى بها بعضا لما قبلها وسيأتي، وإمّا أن يكون مباينا، وإليه الإشارة بقوله: ولم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض
وحينئذ إمّا أن يكون العامل المتقدّم مفرعا أو مشغولا وبتقدير كونه مشغولا إمّا أن يتأخّر المستثنى منه أو يتقدم، وبتقدير تقدّمه وتأخير المستثنيات عنه إمّا أن يكون موجبا أو غير موجب، فهذه أقسام أربعة: -