للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجعل الشيخ من هذا الضرب (وإلّا رمله) من البيت المتقدم قال: لأنّ قوله (وإلّا رمله) لا يغني عن قوله: (عمله)؛ لأنّ هذا من البدل [٣/ ٤٥] التّفصيليّ الّذي يجب في ثانيه الواو (١)، نحو قوله:

١٧١٧ - وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلّت (٢)

وهو بدل شيء من شيء إلا أنّه فصل، وأشار سيبويه إلى أنّه يجوز ترك العطف في مثل هذا، وإن كان الثّاني غير الأوّل، قال - بعد أن مثّل بـ (ما أتاني إلّا زيدا إلّا أبو عبد الله) -: على أنّ أبا عبد الله هو زيد، وقد يكون غير زيد على الغلط والنّسيان، كما يجوز أن يقول: رأيت زيدا عمرا؛ لأنّه إنّما أراد عمرا فنسي فتدارك (٣). انتهى كلام سيبويه.

وهذا التأويل الّذي يذكره رجعت المسألة إلى القسم الأول وهو ما كان الثاني فيه هو الأول لكنّه على جهة الغلط، وإلى هذا الذي أشار إليه سيبويه جنح ابن عصفور في قول الشاعر:

١٧١٨ - أمّا قريش فلن تلقاهم أبدا ... إلّا وهم خير من يحفى وينتعل

إلّا وهم جبل الله الذي قصرت ... عنه الجبال فما ساواهم جبل (٤)

فجعل (إلّا) الثانية مع الجملة التي بعدها بدلا من (إلّا) الأولى، والجملة الّتي دخلت عليها وإن لم يتّحد معنى الجملتين على جهة الإضراب كأنه أضرب عن الأولى -


(١) ينظر: التذييل والتكميل (٣/ ٥٨٧، ٥٨٨).
(٢) البيت من الطويل، وهو لكثير عزة، شاعر أموي مشهور، أجاد فنّ الغزل، واختلف في معناه فقيل:
تمنى أن تشل إحدى رجليه وهو عندها حتى لا يرحل عنها وقيل: لما خانت عزة العهد فزلت عنه وثبت هو عليه صار كذي رجلين رجل صحيحة هو ثباته على العهد، ورجل مريضة وهو زللها عنه، وقيل:
معناه أنه بين خوف ورجاء وقرب وثناء.
والشاهد في قوله: «رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان»؛ حيث إنه من البدل التفصيلي من قوله:
(رجلين) لذا عطف الثاني منها وهو (رجل رمى فيها الزمان) على الأول، وهو (رجل صحيحة) ينظر:
ديوان كثير عزة (٦٩)، والكتاب (١/ ٤٣٣)، والمقتضب (٤/ ٢٩٠)، وشرح المفصل (٣/ ٨٨).
(٣) ينظر: الكتاب (٢/ ٣٤١).
(٤) البيتان من البسيط وهما في ديوان القطامي (ص ٢٩)، وجمهرة القرشي (ص ١٥٣)، والتذييل والتكميل (٣/ ٥٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>