٤ - الاكتفاء بذكر شطر واحد أحيانا إذا كان فيه الشاهد.
وهذا مثال من الشواهد الشعرية يبين موقف ناظر الجيش من تلك الشواهد.
يقول: واعلم أن ابن عصفور حكم على «عن وعلى» بالاسمية إذا باشرهما حرف جرّ كما قال المصنف، كقول القائل:
[فـ] دع عنك نهبا صيح في حجراته ... ولكن حديثا ما حديث الرّواحل
وكقول الآخر:
[و] هوّن عليك فإنّ الأمور ... بكفّ الإله مقاديرها
وفي ما ذكره نظر.
فإن «عنك» في «دع عنك» و «عليك» في «هوّن عليك» ليسا مفعولي الفعلين اللّذين هما: دع وهوّن وإن كانا من متعلقاتهما؛ إنما مفعول دع:
نهبا، وأما مفعول هوّن فمحذوف يدل عليه المعنى. التقدير هوّن عليك ما تلقاه. ولو كانت «عن» في البيت لتعدية الفعل الذي قبلها إلى ما بعدها لكان التقدير: دع إياك أي: نفسك، وليس المعنى على هذا. وكذا كان يكون التقدير في البيت الآخر: هون إياك أي: نفسك. وهذا لا يقال (١).
خامسا: النّثر:
قال أبو نصر الفارابي في أول كتابه المسمى «الألفاظ والحروف»: «كانت قريش أجود العرب انتقادا للأفصح من الألفاظ وأسهلها على اللسان عند النطق، وأحسنها مسموعا وأبينها إبانة عمّا في النفس، والذين عنهم نقلت اللغة العربية، وبهم اقتدي، وعنهم أخذ اللسان العربي من بين قبائل العرب، وهم: قيس، وتميم، وأسد؛ فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه، وعليهم اتكل في الغريب، وفي الإعراب، والتصريف، ثم هذيل، وبعض
(١) انظر ذلك في باب حروف الجر في هذا الكتاب الذي بين يديك.