للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[تقديم المستثنى]]

قال ابن مالك: (ولا يقدّم دون شذوذ المستثنى على المستثنى منه، والمنسوب إليه معا؛ بل على أحدهما، وما شذّ من ذلك فلا يقاس عليه خلافا للكسائيّ).

ــ

قال ناظر الجيش: المستثنى جار من المستثنى منه مجرى الصفة المختصّة، من الموصوف بها ومجرى المعطوف بـ (لا) من المعطوف عليه، فكما لا تتقدّمان على متبوعهما، كذا ينبغي أن لا يتقدم المستثنى على المستثنى منه، لكن تقدّم الصفة والمعطوف غير ممكن من جهة أنّ التابع لا يتقدم على المتبوع، بخلاف المستثنى، فلهذا إذا

تقدّم أول الكلام ما يشعر بالمستثنى منه ما هو مسند إليه أو واقع عليه جاز تقدمه، نحو: قام إلّا زيدا القوم، وضربت إلّا زيدا القوم، قاله المصنف، فلو لم يتقدم ما يشعر بالمستثنى منه من مسند أو واقع لم يجز التقديم، وإليه الإشارة بقوله:

ولا يتقدم دون شذوذ المستثنى على المستثنى منه والمنسوب إليه معا، بل على أحدهما؛ فعلم بذلك أنّه لا يجوز: إلّا زيدا قام القوم، وإلّا زيدا ضربت القوم (١). وإنما قال:

والمنسوب إليه؛ ليشمل المسند والواقع، وممّا مثّل به المصنف في الجائز التقديم:

القوم إلّا زيدا ذاهبون، وأدرجه في التّمثيل مع: (ما قام إلّا زيدا القوم) ولا ينتظم لي تمثيله بـ: القوم إلّا زيدا ذاهبون، مع قوله في المتن: إنّه لا يتقدم المستثنى على المستثنى منه، والمنسوب إليه معا؛ لأنه قدّم عليهما في المثال المذكور، فإنّ المستثنى منه الضمير، وذاهب مسند إليه إلّا أن يقول: قد تقدم ما يشعر بالمستثنى منه وهو القوم؛ لإشعاره بالضّمير من حيث إنّ مدلولهما واحد، وإذا جاز التقديم في مثل:

قام إلّا زيدا القوم لتقدّم (قام) المشعر بالمسند إليه من حيث هو مسند، جاز: القوم إلّا زيدا ذاهبون، من طريق أولى، لكن ينكر عليه كونه قيّد المشعر المتقدم بكونه مسندا إلى المستثنى منه أو واقعا عليه، ولو أطلق فقال: إذا تقدم ما يشعر به كان المثال المذكور مندرجا تحت الإطلاق.

ونحن نتذكر أحوال التقديم لننبّه على محلّ الوفاق ومحلّ الخلاف منها، فنقول: -


(١) في التذييل والتكميل (٣/ ٥٦٧): «ذهب الجمهور إلى المنع واستدلوا بأن ذلك لم يسمع من كلامهم، ولأن (إلّا) مشبهة بلا العاطفة وواو مع نحو: قام القوم لا زيد، وجاء البرد والطيالسة وهذان لا يتقدمان، فكذلك ما أشبههما» ا. هـ، وينظر أيضا: المقرب (١/ ٦٩)، والهمع (١/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>