للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول: أن يكون العامل مفرغا فينشغل بأحد المستثنيين، أو المستثنيات وينصب ما سواه (١)، نحو: ما قام إلّا زيد إلّا عمرا إلّا خالدا، وإليه الإشارة بقوله: شغل العامل ببعضها إن كان مفرغا ونصب ما سواه، وأفاد قوله: شغل ببعضها أنّه لا يتعين أحدهما لذلك، بل يجوز أن ينشغل العامل بالأول كما تقدّم، وبالآخر وبالمتوسّط، ونبّه المصنف - في الشّرح - على أنّ الأقرب أولى بذلك من غير الأقرب (٢)، وظاهر كلام سيبويه التسوية بين الأقرب وغيره؛ لأنّه قال - بعد أن مثّل بـ: (ما أتاني إلّا زيد إلّا عمرا) -: وإن شئت قلت: ما أتاني إلّا زيدا إلّا عمرو فأنت في ذا بالخيار (٣).

وقد يفيد كلام سيبويه أولوية الأقرب من حيث إنه بدأ به في التمثيل.

وجوّز الشيخ في هذا القسم العطف بالواو داخلة على (إلّا) نحو: ما جاءني إلّا زيد وإلّا عمرو، ثمّ قال: ويجوز العطف بغير (إلّا) فتقول: ما جاءني إلّا زيد وعمرو (٤)، وفيما جوّزوه من دخول الواو على (إلا) نظر، فإن (إلّا) الثانية إذا كانت مقصودا بها الاستثناء لا يتّجه دخول العاطف عليها، وأيضا فإنّ: (ما جاءني إلّا زيد إلّا عمرا) العطف فيه ممتنع (٤)، فكذلك ما هو بمعناه وكأنّه اشتبه عليه الأمر فظنّ أنّ (إلّا) التي يقصد بها الاستثناء كـ (إلّا) المأتيّ بها للتوكيد، وليس كذلك، فإنّ العطف مع المؤكدة هو الأصل كما تقدّم (٥)، و (إلّا) أتي بها للتّوكيد ولهذا يجوز سقوطها. وأمّا (إلّا) المقصود بها الاستثناء فليس العطف بها مقصودا أصلا، ولو قصد لم يفرّق بينها وبين المؤكّدة، ويبطل التقسيم المذكور في الفصل، وأيضا فمعنى (إلّا) مقصود إذا كانت للاستثناء، وليس لها معنى مقصودا مع العطف له إلّا التوكيد، وقد تقدّم عند الكلام على عامل الاستثناء الفرق بين:

قام القوم إلّا زيدا إلّا عمرا، وقام القوم إلّا زيدا وإلّا عمرا، فأغنى عن الإعادة. وأمّا تجويز الشيخ أيضا العطف بغير (إلّا) في: ما جاءني إلا زيد وعمرو، فهذا إبطال الصورة المسألة كليّة، وكيف يجوز ترك (إلّا) والمقصود بها الاستثناء، وإلى ما له -


(١) ينظر: شرح اللمع لابن برهان (١/ ١٤٥) تحقيق الدكتور فائز فارس - الطبعة الأولى (١٤٠٤ هـ) ١٩٨٤ م طبعة. الكويت.
(٢) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٢٩٦).
(٣) الكتاب (٢/ ٣٤١).
(٤) ينظر: التذييل والتكميل (٣/ ٥٩٣).
(٥) ينظر: التبصرة للصيمري (١/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>