للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمعنى الأصلي معا؛ فلم يعدوا اللام؛ لخروجها عن معناها الأصلي، ولأن لفظها في الأصل مخالف للفظها في الحرف، وكذلك «من»، وكذلك «إلى».

ألا ترى أن «إلى» التي هي النعمة أصل ألفها ياء، «وإلى» التي هي حرف لا أصل لألفها، وكذلك ألف «على» التي هي فعل أصلها واو، والتي في الاسم والحرف لا أصل لها.

وقد عورض هذا التقرير: بأنه يلزم منه أن لا يعد خلا وعدا وحاشا؛ لأن ألفاتها إذا كانت أفعالا منقلبة وإذا كانت حروفا غير منقلبة، وقد جعل ذلك مانعا في «على» فليكن مانعا في هذه الثلاثة أيضا. وأجيب عن ذلك: بأنا لم نعد «حاشا» من مثل قولك: حاشيته، ولا «عدا» من قولك: عدوته، ولا «خلا» من قولك:

خلوته، وإنما عددنا خلا وعدا وحاشا الواقعة في الاستثناء؛ فإنها لا تتصرف ولما لم تتصرف تصرف الأفعال أشبهت الحروف فلم يجعل لألفها أصل كما أن الاسم إذا أشبه الحرف لا يكون لألفه أصل انقلبت عنه؛ بل هي أصل بنفسها كما هو مقرر عند أهل هذه الصناعة.

ومنها: أن هذه الحروف لا بد لها مما تتعلق به إما ظاهرا وإما مقدرا كما هو مقرر في علم العربية، ويستثنى من

ذلك الحروف الزوائد فلا تتعلق بشيء نحو: بحسبك درهم، وهل من أحد قائم؛ لأن الزائد لم يجتلب لمعنى مقصود ولم يكن محتاجا إليه في ذلك التركيب الذي هو فيه فكيف يتصور تعلقه بشيء، و «لولا» إذا جرّ بها حكمها حكم الحرف الزائد في ما ذكر، وكذا «لعل» (١) أيضا إذا جرّ بها لا تتعلق بشيء، وسيشار إلى بيان ذلك عند الكلام عليها إن شاء الله تعالى.

وذكر ابن عصفور (٢) أن الكاف في نحو: جاءني الذي كزيد لا تتعلق بشيء ظاهر، إذ ليس في اللفظ ما يمكن أن يعمل فيه ولا بمضمر؛ إذ لا يحذف ما يعمل في المجرور (إذا وقع صلة) إلا ما يناسب الحرف قال: لا تتعلق بشيء نحو: جاءني الذي في الدار تريد الذي استقر في الدار؛ لأن «في» للوعاء، والاستقرار مناسب للوعاء ولو قلت: جاءني الذي في الدار تريد: ضحك في الدار، أو أكل في الدار؛ لم يجز لأنه ليس في الكلام ما يدل على ذلك فلا يمكن أن يكون المحذوف مع الكاف -


(١) ويضاف إلى هذه الثلاثة: ربّ وكاف التشبيه عند الأخفش وابن عصفور، وخلا وعدا وحاشا إذا خفضن.
(٢) شرح الجمل له (١/ ٤٨٢) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>