للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

منّ الله تعالى على الإسلام والمسلمين بمن أحيا موات العلم في العالمين، وغمر بصدقاته جميع الطالبين، واعتنى بأمور العلماء وإن كانوا عن مصالحهم غافلين.

ومن أضحى وأزر الدين به قويّ، وظما الإسلام بملاحظته رويّ (١)، وزند النجم بآرائه السعيدة وريّ، ذي المقر الأشرف العالي المولوي السيدي المالكي المخدومي الكاملي الأتابكي، كافل أمور المسلمين (٢)، سيد ولاة أمور الدين، أتابك العساكر المنصورة، نظام الملك الشريف، والد الملوك والسلاطين، ولي أمير المؤمنين: يلبغا العمري الأشرفي (٣).

لا زال عصره فاضلا، ونصره متواصلا، وحكمه عادلا، وبره شاملا، ولا برحت أموره مقتبلة ممتثلة، والقلوب بمحبته ومهابته ممتلية، والنفوس بعوارفه وعواطفه متملية:

١ - من شرّد الإعدام عن أوطانه ... بالجود حتّى استطرف الإعدام

وتكفّل الأيتام عن آبائهم ... حتّى وددنا أنّنا أيتام (٤)


(١) الظما: بلا همز: ذبول الشفة من العطش ويقصد بما ذكره بعد ذلك انتعاش البلاد وصلاح أحوال الناس وقيامهم بأمور دينهم.
(٢) في نسخة (ب)، (جـ): المخدومي الكاملي الأتابكي السيفي حامل أمور المسلمين .... إلخ.
(٣) هو يلبغا بن عبد الله الخاصكي الناصري الأمير الكبير المشهور، أول ما أمره الناصر حسن، وصار أتابك السلطنة ونائبها سنة (٧٦٢)، ثم كان يلبغا رأس من قام على أستاذه الناصر حسن، حتى قتل فتسلطن بعده المنصور محمد ابن حاجي، ثم خلعه يلبغا، وجعل في السلطنة السلطان الأشرف شعبان بن حسن، وصار يلبغا صاحب الأمر والنهي والحل والعقد، وهو السلطان في الباطن والأشرف بالاسم، ثم حدث خلاف بينه وبين السلطان شعبان، حتى تحاربا وانتصر السلطان عليه وأسره ثم أمر بقتله، فقتله بعض مماليكه. وكان ذلك سنة (٧٦٨ هـ).
وكان ليلبغا صدقات كثيرة على طلبة العلم ومعروف كثير في بلاد الحجاز، وقد استكثر من المماليك وأكرمهم وجعلهم أعوانه، وكان في زمانه غزو الفرنج لبلاد الإسكندرية.
اقرأ ترجمته وأخباره في: الدرر الكامنة (٥/ ٢١٥)، النجوم الزاهرة (١١/ ١، ٧، ٤٠)، الخطط التوفيقية (١/ ١٠٥، ١٠٦).
(٤) البيتان من بحر الكامل لأبي تمام حبيب بن أوس الطائي من قصيدة يمدح فيها الخليفة المأمون ومطلعها:
دمن ألمّ بها فقال سلام ... كم حلّ عقدة صبره الإلمام
اللغة: الإعدام: الفقر والحاجة. استطرف الإعدام: عدّه الناس طريفا؛ لأن الممدوح يغنيهم.
والبيتان غاية في المدح والكرم والإحسان، ويستشهد بهما هنا لذلك، وانظر القصيدة بتمامها في ديوان أبي تمام (٢/ ٧٣) طبعة دار الكتاب العربي. وستأتي ترجمة يسيرة له بعد قليل، في الكلام على خطبة الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>