للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحق أن الخبر محذوف ولم يمتنع حذفه، لأنها أشبهت «لعلّ»، فجاز حذفه كما جاز حذف أخبار هذه الحروف من حيث كان الكلام في الأصل مبتدأ وخبرا.

المسألة الثانية: لا بد من عود ضمير من الخبر في هذا الباب إلى الاسم، كما لا بد منه في غير هذا الباب، إلا أن الضمير في غير هذا الباب لا يشترط كونه فاعلا، بخلاف الضمير في هذا الباب فإن الفاعل لا يكون غيره إلا قلة ولا يكون ما ورد على قلة إلا مؤولا بأنه هو (١)، فمن ذلك قول الشاعر:

٨٩٥ - وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي فأنهض نهض الشّارب الثّمل (٢)

فجاز جعل فاعل الفعل المخبر به غير ضمير الاسم، لأن المعنى: وقد جعلت إذا ما قمت أثقل وأضعف، فصح ذلك وكذا قول الآخر (٣):

٨٩٦ - وقفت على ربع لميّة ناقتي ... فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

وأسقيه حتّى كاد ممّا أبثّه ... تكلّمني أحجاره وملاعبه (٤)

فجاز هذا، لأن معناه: حتى كاد يكلمني. أورد المصنف ذلك ثم قال: وإلى هذا ونحوه أشرت بقولي: وكون الفاعل غيره قليل (٥). انتهى.

وقال صاحب الإفصاح: خبر أفعال المقاربة لا يكون إلا لفاعل فعل المقاربة لا لسببه، لا تقول: طفق زيد يتحدث أخوه، لأنها إنما جاءت لتدل على أن فاعلها قد تلبس [٢/ ٨٦] بهذا الفعل وشرع فيه لا غيره ثم أول «يثقلني ثوبي» على ما -


(١) ينظر في هذه المسألة المقرب (١/ ١٠٠ - ١٠١)، والهمع (١/ ١٣١)، وأوضح المسالك (١/ ٧٥)، وحاشية الخضري (١/ ١٢٤).
(٢) تقدم.
(٣) هو ذو الرمة غيلان بن عقبة.
(٤) البيتان من الطويل، وينظر فيهما الكتاب (٤/ ٥٩)، وشرح أبياته للسيرافي (٢/ ٣٦٤)، وأمالي الشجري (٢/ ٩٢)، والمخصص (١٤/ ١٦٩)، والتذييل (٤/ ٣٦٥)، وتأويل مشكل القرآن (٩٥)، ومجاز القرآن (١/ ٣٥٠)، والجامع الصغير (٦٠)، وأوضح المسالك (١/ ٧٦)،
وحاشية الخضري (١/ ١٢٤)، واللسان (سقى).
والشاهد فيه قوله: «حتى كاد ... تكلمني أحجاره»؛ حيث تأول العلماء هذا البيت فجعلوا الفاعل ضميرا مستترا عائدا على اسم «كاد» لأن ظاهره يدل على أن خبر «كاد» قد رفع اسما مضافا إلى ضمير اسمها. وقوله «أحجاره» بدل اشتمال.
(٥) شرح التسهيل للمصنف (١/ ٣٩٩)، بتحقيق د. عبد الرحمن السيد، ود. المختون.

<<  <  ج: ص:  >  >>