للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النساء وباعتبار هذا يلزم حصول الكثرة (١) وكذلك قول سيبويه: يحمل على أنه ملحوظ فيه ما يعرض لإنّ من فتح همزتها ومن تخفيف نونها في الحالين وتخفيف نون «كأنّ» وما يستعمل في «لعل» من اللغات.

فإن قيل: إذا كان تفريع «أن» سببا لعدم الاعتداد بها؛ فينبغي أن لا يعتد «بكأنّ» فإن أصل «كأنّ» زيدا أسد: إنّ زيدا كالأسد، فالجواب: أن أصل «كأنّ» منسوخ لاستغناء الكاف عن متعلق به بخلاف «أن» فليس أصلها منسوخا بدلالة جواز العطف بعدها على معنى الابتداء كما يعطف عليه بعد المكسورة فاعتبرت فرعية «أن» لذلك دون «كأنّ» (٢)، وقد قرنت كل واحد من هذه الأحرف بمعناه، فمعنى «إنّ» التوكيد، ولذلك أجيب بها القسم نحو: والله إنك لفطن، ومعنى «لكنّ» الاستدراك ولذلك لا تكون إلا بعد كلام نحو: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ (٣)، و «كأن» للتشبيه المؤكد

نحو: كأن زيدا أسد؛ فإن أصله: إن زيدا كالأسد فقدمت الكاف وفتحت الهمزة وصار الحرفان حرفا واحدا مدلولا به على التشبيه والتوكيد (٤). وزعم بعضهم أن «كأن» توكيد للتحقيق دون تشبيه (٥)، واستشهد على [٢/ ٩٠] ذلك بقول الشاعر يرثي هشاما:

٩٠٨ - وأصبح بطن مكّة مقشعرّا ... كأنّ الأرض ليس بها هشام (٦)

-


(١) في الكشاف (١/ ٩٣): «فإن قلت: لم جاء التمييز على جمع الكثرة دون القلة التي هي الأقراء؟
قلت: يتسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر لاشتراكهما في الجمعية، ألا ترى إلى قوله بِأَنْفُسِهِنَّ وما هي إلا نفوس كثيرة. اه. وينظر إملاء ما من به الرحمن (١/ ٩٥)، وروح المعاني للألوسي (١/ ٤٢٧ - ٤٢٨).
(٢) ينظر الهمع (١/ ١٣٢).
(٣) سورة الأنفال: ١٧.
(٤) ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص ٦٢)، والأشموني (١/ ٢١٧ - ٢٧٢)، ونتائج الفكر للسهيلي (٣٤٤)، وشرح الألفية للمرادي (١/ ٣٣٥)، والمغني (١/ ١٩١).
(٥) هذا مذهب الكوفيين والزجاجي. وينظر الهمع (١/ ١٣٣) والتذييل (٢/ ٦١٣)، والمغني (١/ ١٩٢).
(٦) البيت من الوافر وهو للحارث بن خالد بن العاص وهو في التذييل (٢/ ٦١٣)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٤١٨)، وشرح التسهيل للمصنف (٢/ ٦)، والاشتقاق (١/ ١٠١)، وتعليق الفرائد (١٠٦٨)، والكامل (٣١٣)، والأغاني (١٥/ ١٨)، والمغني (١/ ١٩٢)، وشرح شواهده (٢/ ٥١٥)، والتصريح (١/ ٢١٢)، وحاشية يس (٢/ ١٣٢)، والهمع (١/ ١٣٢)، والدرر (١/ ١١١)، والشواهد في النحو العربي (٣٠٤)، واللسان (قثم) -.

<<  <  ج: ص:  >  >>