للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقيل: الكاف في كأنك بالشتاء: فقيل حرف خطاب والباء في بالشتاء زائدة واسم «كأن» «الشتاء» والخبر مقبل، والتقدير: كأنّ الشتاء مقبل وكذا القول في كأنك بالفرج آت، التقدير: كأن الفرج آت [٢/ ٩٤] وكذا: كأنك بالدنيا لم تكن، التقدير كأن الدنيا لم تكن وكأن الآخرة لم تزل والضمير في تكن وتزل عائد على اسم «كأنّ» (١) وهذا تخريج الفارسي وقيل إن ثم مضافا محذوفا، والتقدير: كأن زمانك بالشتاء مقبل وكأن زمانك بالفرج آت. ولما لم يتأت تقدير مضاف في كأنك بالدنيا لم تكن، خرج على أنّ الكاف اسم «كأنّ» ولم تكن خبر وفي «الدنيا» متعلق بالخبر التقدير: كأنك لم تكن بالدنيا أي في الدنيا، فالضمير في «تكن» عائد على المخاطب، وكأنك لم تزل بالآخرة أي في الآخرة (٢). وقد رجح هذا التأويل على تأويل الفارسي لأن فيه دعوى حرفية الكاف للخطاب ودعوى زيادة الباء في «الشتاء» وفي «بالفرج» وفي «بالدنيا» (٣).

وخرج الشيخ جمال الدين بن عمرون: كأنك بالدنيا تخريجا آخر، فقال: خبر «كأنّ» هو المجرور يعني بالدنيا وبالآخرة، قال: والجملة التي هي «لم تكن» «ولم تزل» في موضع الحال ثم قال: فإن قيل: إن «بالدنيا» لا يتم به الكلام والحال فضلة، فالجواب: إن من الفضلات ما لا يتم الكلام إلا به كقوله تعالى: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤) فمعرضين حال من الضمير المخفوض ولا يستغنى الكلام عنها لأن الاستفهام في المعنى إنما هو عنها، ومما يبين ذلك قولهم: ما زلت بزيد حتى فعل، لا يتم الكلام بقولك بزيد، ويدل على صحة الحال قولك (كأنك بالشمس قد طلعت) ونحوه ما حكي عن بعضهم: (كأنا بالدنيا لم تكن)، قال: وعلى هذا يحمل قول الحريري: (كأني بك تنحط) (٥)، ولا يخفى جودة هذا التخريج وحسنه، وليته تكلم على قولهم كأنك بالشتاء مقبل، وكأنك بالفرج آت فربما كان يذكر فيه ما يشفي الغليل. وقد نقل الشيخ عن الصفار وغيره في هذا الموضع ما يطول -


(١) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٤٨ - ٤٤٩) ط. العراق والأشباه والنظائر (٤/ ٦٤) وحاشية الصبان (١/ ٢٧٢).
(٢) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٤٩) ط. العراق.
(٣) ينظر الأشباه والنظائر (٤/ ٦٤).
(٤) سورة المدثر: ٤٩.
(٥) ينظر التذييل (٢/ ٦١٩)، والأشباه والنظائر (٣/ ١٦٣)، (٤/ ٦٥ - ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>