للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وسوف «والألف واللام» وذلك أن قد والسين وسوف اختصت بالأفعال، إلا أنها صارت كالجزء من الفعل بدليل أنه لا يجوز الفصل بينها وبين الأفعال بشيء إلا «بقد» فإنه قد يجوز الفصل بينها وبين الفعل بالقسم نحو: قد والله قام زيد، وبدليل أنك تقول: لقد قام زيد، ولسوف يقوم زيد فتفصل بين لام التوكيد وبين الفعل، ولام التوكيد لا يجوز الفصل بينها وبين الفعل بشيء غير هذه الأشياء. فلولا أن هذه الأشياء تنزلت من الفعل منزلة الجزء لما جاز ذلك، وكذلك لام التعريف تنزلت من الاسم منزلة الجزء بدليل قولك: مررت بالرجل، فتفصل بها حرف الجر والمجرور، ولا يجوز الفصل بينهما بشيء، فلولا أنها مع الاسم كالشيء الواحد لما جاز ذلك.

ثم قال: فلو قيل: فإذا وجب لها العمل لما ذكر ثمّ، فلأي شيء كان عملها رفع أحد الاسمين ونصب الآخر وهلا كان الأمر بخلاف ذلك؟

فالجواب: أنها أشبهت من الأفعال ضرب فعملت عمله وأيضا فإنه لا يمكن فيها غير ذلك، وذلك أنه لا يخلو من أن ترفعهما أو تنصبهما أو تخفضهما أو ترفع أحدهما وتنصب الآخر أو ترفع أحدهما وتخفض الآخر، ولا يتصور أكثر من ذلك، فباطل أن ترفعهما لأن عاملا واحدا لا يوجد رافعا لاسمين دون تبعية، وباطل أن تنصبها أو تخفضهما لأنه لا يوجد عامل يعمل نصبا وخفضا (١) من غير أن يعمل مع ذلك رفعا، وكذلك أيضا يبطل أن تنصب أحدهما وتخفض الآخر، إذ لا بد من المرفوع، أو ترفع أحدهما وتخفض الآخر، إذ لا يكون خفض إلا بواسطة حرف فلم يبق إلا أن ترفع أحدهما وتنصب الآخر. فإن قيل: لم كان المنصوب الاسم والمرفوع الخبر؟

فالجواب: أنه لما وجب رفع أحدهما تشبيها بالعمدة ونصب الآخر تشبيها بالفضلة كان أشبهها بالعمدة الخبر لأن هذه الأحرف إنما دخلت لتوكيد الخبر أو تجنبه أو ترجيه أو التشبيه به فصارت الأسماء كأنها غير مقصودة، فلما رفع الخبر تشبيها بالعمدة نصبت الأسماء تشبيها بالفضلة (٢).

السابع: ذكر الشيخ المذاهب في نصب الخبر بهذه (الحروف) (٣) ثم قال: -


(١) ينظر وصف المباني للمالقي (١١٨ - ١١٩).
(٢) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٢٢ - ٤٢٤) ط. العراق، والمقرب (١/ ١٠٦).
(٣) في (ب) (الأحرف).

<<  <  ج: ص:  >  >>