للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا في الدار رجل، ولا غدا أحد راحل، فانحطت «لا» بذلك عن رتبة «ما» ليكون لقوة الشبه أثر، وإذا كان مصحوب «لا» معرفة لم تعمل (١) فيه، لأنها إنما عملت العمل المذكور لتدل به على العموم على سبيل التنصيص، والمعرفة ليست كذلك، ولو كان تعريفها بالألف واللام الاستغراقية لأنها بلفظ العهدية، فليس التنصيص بها على العموم، كالتنصيص عليه «بمن» الجنسية مذكورة أو منوية (٢)، لكن إذا وليتها المعرفة لزمها التكرار (٣) ليكون عوضا عما فاتها من مصاحبة ذي العموم فإن في التكرار زيادة كما في العموم زيادة، ثم حمل في لزوم التكرار المفصولة على التي يليها معرفة لتساويهما في وجوب الإهمال، وأيضا فإن العرب في الغالب تنفي الجملة المبدؤة

بمعرفة أو ظرف أو شبهه بما أو «ليس» [٢/ ١٥٦] نحو: ما زيد عندك، وما عندك زيد، وليس عمرو في الدار، وليس في الدار عمرو، فإذا وقعت «لا» في مثل هذا من الكلام وقعت في موضع غيرها، فقويت بالتكرار، ولم تخل منه إلا في اضطرار.

وكذا إذا ولي «لا» خبر مفرد ويلزمها التكرار أيضا نحو: زيد لا قائم ولا قاعد، وكذا إذا ولي «لا» نعت أو حال نحو: مررت برجل لا قائم ولا قاعد (٤)، ونظرت إليه لا قائما ولا قاعدا، وإلى هذين المثالين وأشباههما أشرت بقولي: وكذا التاليها خبر مفرد أو شبهه، فتكرار «لا» في جميع هذه الصور لازم إلا في الضرورة، وإن جاء شيء من هذا بلا تكرار قصر على الاضطرار، كقول الشاعر:

١٠٧٤ - بكت جزعا واسترجعت ثمّ آذنت ... ركائبها أن لا إلينا رجوعها (٥)

وكقول الآخر: -


(١) ينظر التوطئة (ص ٣٢٣).
(٢) ينظر الأشموني (٢/ ٢ - ٣).
(٣) جعل الشلوبين لزوم تكرار «لا» إذا كان اسمها معرفة رأي أكثر النحاة وليس كلهم - يقول: وإن كان معرفة وجب الإلغاء ولزم أن تكرر في رأي الأكثر أيضا. اه. التوطئة (٣٢٣).
(٤) ينظر الكتاب (٢/ ٢٩٩)، وحاشية الصبان (٢/ ١٨)، والتوطئة (ص ٣٢٣)، والهمع (١/ ١٤٨).
(٥) البيت من الطويل مجهول القائل وهو من الخمسين، وهو في الكتاب (٢/ ٢٩٨)، والمقتضب (٤/ ٣٦١)، وأمالي الشجري (٢/ ٢٢٥)، والمقرب (١/ ١٨٩)، وابن يعيش (٢/ ١١٢)، (٤/ ٦٥، ٦٦)، والهمع (١/ ١٤٨)، والدرر (١/ ١٢٩)، والأشموني (٢/ ١٨)، والتذييل (٢/ ١٠٠، ٩٠٢) برواية «أسفا» مكان جزعا. وشرح الرضي (١/ ٢٥٨).
والشاهد قوله: (أن لا إلينا رجوعها) حيث وقعت المعرفة بعد لا ولم تكرر «لا» ضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>